على الرغم من الازدحام المروري في الصباح، المصاحب لعودة الطلاب والطالبات إلى المدارس، إلا أنه من الجميل أن يعود أبناؤنا إلى الحياة الطبيعية والالتحاق بالمدارس والجامعات، لما في ذلك من منفعةٍ اجتماعية ونفسية على الطلاب، حيث إن التواجد في المدرسة يُنَّـمى شخصياتهم ومهاراتهم الاجتماعية، إضافة إلى تزويدهم بالمعرفة.

إلا أنه من المهم ألا ننسى، وندرك المنافع التي صاحبت كورونا (كوفيد19)، من ناحية فتح آفاق جديدة للتدريس لبعض المدرسين والمدرسات الذين كانوا يستخدمون فقط الطرائق التقليدية في التدريس، الأمر الذى يعتبر مرفوضاً في هذا العصر، وخصوصاً من قبل أبناء هذا الجيل بمختلف الأعمار، الذي يستخدم التكنولوجيا بصورة يومية، ويتوقعون تلقي المعلومة بطرائق مختلفة تتماشى مع تطورهم الذهني، وتطور المجتمع، وطرائق اكتساب المعلومات بوجه عام، وهنا يأتي دور الوزارة المهم من قِـبَل المسؤولين في توجيه الإدارة المدرسية لتوفير الأدوات والتجهيزات والمستلزمات الضرورية للعملية التعليمية، والتدريب والتطوير المتجدد والمستمر للهيئة التعليمية «المدرسين»، وذلك لتجنب الصعوبات، والمشاكل التقنية، وللاستمرار في إزالة عامل الخوف أو التردد الذي قد يواجهه بعض المدرسين، الذين مازالوا يفتقدون الثقة اللازمة في استخدام التكنولوجيا في توصيل المعلومات بطريقة سلسلة وسهلة ومُحَفِّـزَة، واستمرار الرغبة والاستمتاع في التعلم.

فقد أظهر كثير من البحوث العلمية أن انتباه الطلبة وخصوصاً الأطفال منهم، ورغبتهم في الاستماع تعتمد اعتماداً كلياً على طريقة شرح المدرس للدرس، وتوصيل المعلومة عن طريق الوسائل التعليمية المختلفة، والتحفيز والتفاعل بين المدرسين والطلاب، عن طريق إشراكهم في العملية التعليمية بحيث لا يكون المدرس هو المصدر الوحيد في إعطاء وتوصيل المعرفة.

كما يجب أن نعمل على توفير الجو والبيئة المناسبة للتعلم والنمو، وتطوير المدارس والخدمات المقدمة فيها من كافتيريا، ومكتبة، ومختبرات علمية، ولغوية وتكنولوجية، وأن نوفر الراحة والاطمئنان للطلاب من خلال إنشاء علاقة طيبة بينهم وبين مدرسيهم، وفتح الحوار المجدي لمساعدتهم على الشعور بالراحة والطمأنينة لإبلاغ مدرسيهم بالصعوبات التي تواجههم بالمدرسة والتعلم، فبدون هذا الانفتاح النفسي بين الطرفين، سيستمر بعض الطلبة الذين يواجهون المصاعب في التعلم والتأقلم في المدرسة ومع الطلبة الآخرين في البقاء فى عالمهم الخاص.

كما يجب على المسؤولين بوزارة التربية والتعليم أن يضعوا في اعتبارهم الحالة العمرية والنفسية للطلبة، وأن يقوموا بدراسة ومراجعة قراراتهم المتعلقة بالأوقات الرسمية للمدارس، وخصوصاً للمرحلة الابتدائية والإعدادية، حيث إنه من الصعب إبقاء الحيوية والنشاط للأطفال من الصباح الباكر من 7:30 صباحاً إلى منتصف اليوم الساعة 12 ظهراً أو إلى وقت الظهيرة، لذلك يجب على الوزارة أن تَعى أن المدة ليست هي العامل الرئيسي للتعلم، فقد يقضي الأطفال خمسين أو أربعين دقيقة فى الدرس بدون عامل التحفيز والرغبة في التعلم، بسبب التعب وطول الحصة، أو بسبب المنهج أو المحتوى التعليمي الذي قد لا يكون محفزاً أو ممتعاً للأطفال، وهنا أريد أن أتقدم باقتراح آمل أن يؤخذ بالاعتبار وهو تخصيص الحصتين الأخيرتين بالجدول الدراسي للأطفال للعمل على الواجب المدرسى وإنهائه، خلال تواجدهم بالصف مع زملائهم، للاستفادة من وجود المدرسين، وحتى لا يكون هناك واجبات مدرسية للأطفال بالمنزل، وخصوصاً أن كثيراً منهم يصلون إلى منازلهم فى وقت متأخر، لهذه الأسباب وغيرها، فأنا أرى أن تقوم الوزارة والإدارة المدرسية بتقييم مستمر لقراراتهم وأعمالهم، حتى يحظى الطلاب والمدرسين بعملية تعلم وتعليم ناجحة، تتماشى مع التطور المستمر بالعملية التعليمية.

* أستاذ مساعد - جامعة البحرين