526 هو إجمالي عدد المخالفات الجنائية التي أحالتها هيئة تنظيم سوق العمل إلى النيابة العامة، منها 182 مخالفة لأصحاب العمل، و62 قضية عمل جبري، بعد تنفيذ 4767 زيارة تفتيشية في مختلف محافظات المملكة على مدى ما يقرب من شهرين.

التقرير الصادر عن الهيئة احتوى كثيراً من الأرقام والتفاصيل، والتي تؤشر إلى حجم ما يبذل من جهد للتصدي للممارسات غير القانونية التي تؤثر في بيئة العمل، ومحاولة السيطرة على السوق والحفاظ على ما يتمتع به من تنافسية وعدالة واستقرار.

ما لفتني شخصياً في تقرير الهيئة هو الرقمان «182» و «62»، فالأول متعلق بحجم مخالفات أصحاب العمل، أما الثاني فهو عن عدد قضايا العمل الجبري التي أحيلت للنيابة، ما يعني أن تلك الحملات لم تكن موجهة في المقام الأول لاستهداف العمالة الأجنبية النظامية، كما يحاول أن يروج بعض الحاقدين، وإنما هدفها الأسمى هو الحفاظ على حقوق هذه العمالة بالتوازي مع حقوق أصحاب العمل، وبالمحصلة تنظيم أكثر فعالية لسوق العمل، وبما يتوافق مع الدستور والقوانين والتشريعات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان بشكل عام، والعمالة المهاجرة على وجه الخصوص.

الحملات التفتيشية التي قامت بها الهيئة على مدار الشهرين الماضيين سعت إلى توفير الحماية الكاملة لحقوق أطراف العمل ووقف الممارسات غير القانونية، إن وجدت، بما فيها مكافحة جميع أشكال الاتجار بالأشخاص والعمل الجبري، وهو للأسف الشديد ما لم تنجح الهيئة في الترويج له إعلامياً، حيث اكتفت خلال الأسابيع الماضية بإصدار تقارير أقل ما يمكن أن توصف به أنها «جامدة» و «معلبة»، لا تدلل على حقيقة الحملات أو أهدافها.

ومع انطلاقة حملة تسجيل العمالة الوافدة، والتي بدأت الأحد الماضي، إثر إلغاء تصريح العمل المرن ومعالجة الممارسات غير القانونية في سوق العمل، المطلوب من الهيئة إعادة النظر في آليات تواصلها مع الجمهور بشكل أكثر مهنية، عبر وضع إستراتيجية إعلامية واضحة ومجيبة عن تساؤلات الشارع البحريني، خصوصاً بعد حوالي خمس سنوات من تجربة التصريح المرن، والذي كانت له آثاره السلبية وساهم في إحداث تشوهات كبيرة في سوق العمل.

إصلاح سوق العمل اليوم وبسرعة لم يعد حالة ترف؛ بل ضرورة تتطلبها الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطن وللسوق ذاته، خصوصاً بعد احتكار جنسيات معينة على بعض قطاعات الإنتاج والعمل، وخلق حالة غير متكافئة من التنافس في السوق، إلى جانب الاختلالات الاجتماعية والثقافية التي بدأنا نلمسها في مختلف مناطق البحرين.

البحرين اليوم بحاجة لجهود كل المخلصين من مسؤولين ومنظمات مجتمع مدني ورجال أعمال ومنشآت، للوقوف معاً لمساندة جهود الدولة في التصدي للعمالة غير النظامية وتأثيراتها السلبية، وأية ممارسات غير قانونية تؤثر في بيئة العمل.