قبل سنوات قليلة تقدمت البحرين باقتراح إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتخصيص يوم دولي للمصارف، وبعد جهود حثيثة من الدبلوماسية الوطنية وجمعية مصارف البحرين، تم اعتماد الرابع من ديسمبر يوماً دولياً للمصارف، وبإقرار من الأمم المتحدة بما لدى المصارف من إمكانيات كبيرة على صعيد تمويل التنمية المستدامة.

وخلال الأيام الماضية احتفلنا بثالث أيام المصارف لنواصل التأكيد على أن البحرين قادرة على العطاء الدولي في جميع المجالات، فها نحن الدولة التي استشرفت الحدث واقترحته، ونحن أيضاً اليوم لدينا في تشكيلنا الوزاري، حقيبة للتنمية المستدامة، لتكتمل الصورة والهدف والرؤية الخاصة باليوم الدولي للمصارف والدور المنوط بهذه المؤسسات باعتبارها الأكثر قدرة على إحداث تغيير في العالم.

لا أريد التوغل في مدى أهمية المصارف لدعم الاقتصاد الوطني في كل دولة، فهي قضية محسومة ويعلمها الجميع، إلا أن المستجد في قضيتنا هو ارتباط التنمية المستدامة بالمصارف، والتي برزت مؤخراً لتضع دفة قيادة أهداف التنمية المستدامة الـ17 في يد المصارف، باعتبارها الأجدر بقيادة وتحقيق والوصول إلى نتائج ملموسة في التنمية المستدامة.

ولقد أشارت الأمم المتحدة إلى الدور الحيوي الذي تؤديه المصارف في تحسين مستوى المعيشة، والقضاء على الفقر بجميع صوره وأبعاده، ومكافحة تغير المناخ، ومواجهة التحديات العالمية الخاصة بارتفاع معدلات التضخم والركود العالمي، ودخول القطاعات الاقتصادية في متلازمة عدم اليقين والتردد في تخصيص أموال لمشاريع طويلة الأجل، وقالت الأمم المتحد إن المصارف يمكن أن تعزز العمل الجماعي للحد من هذه التحديات، وصولاً إلى تحقيق الأهداف الإنمائية.

ولدينا في البحرين حالة خاصة من العلاقة الحكومية مع المصارف، تعتبر أحد أنماط تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الاستقرار المجتمعي بطرق أشبه بالعرف منها إلى المعاملات الرسمية، حيث تسهم المصارف دائماً في تنفيذ برامج الحكومة الإنمائية مثل السكن الاجتماعي الذي تلعب المصارف فيه دوراً محورياً، وأيضاً تمويل المشروعات الحكومية المتنوعة، وفي المقابل تجد المصارف في البحرين مساحة من العمل الحر وغير المكلف من حيث الرسوم والضرائب.

وعلى الرغم من تفرّد هذه العلاقة بين الحكومة والمصارف في البحرين، إلا أنها يمكن أن تمنح الأمم المتحدة رؤية جديدة لكيفية إيجاد آليات غير نمطية لتحقيق الأهداف الإنمائية، ولو أن هذه الرؤية والعلاقة بين الحكومة والمصارف، تُقدّم إلى الأمم المتحدة كفكرة لإطار عمل ومقترح تنفذه الدول، لكانت البحرين أيضاً صاحبة السبق في هذا المقترح وكما كانت في اقتراح اليوم الدولي للمصارف.