مهرجان ليالي المحرق هي النقلة النوعية في الاحتفالات الوطنية التي تقوم بها هيئة البحرين للثقافة والآثار بمناسبة اليوم الوطني لمملكة البحرين وذكرى تولي حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم مقاليد الحكم وجب علينا الإشادة بتلك الفعالية التي تنظمها الهيئة ضمن مسار اللؤلؤ ومركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث في أكثر من نقطة انطلاقة في مواقع متعددة في محافظة المحرق، حيث أقيمت الاحتفالية في الفترة من 1 إلى 3 ديسمبر ومن 8 إلى 10 ديسمبر 2022.

لأن مهرجان ليالي المحرق مشرف وجميل وله قيمة تاريخية نرجو من القائمين على هذه الفعالية تمديد المهرجان إلى نهاية ديسمبر حيث تمتزج الفرحة الوطنية مع الجو المنعش البارد نسبياً حيث يستشعر الزائر للمهرجان بالسعادة كما لو أننا في أرض الأحلام، لم يبالغ الكاتب وعضو مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الشيخ صلاح الجودر عندما وصف مهرجان ليالي المحرق بأنه ليلة من ألف ليلة وليلة لأن المحرق غير كل المدن بأصالتها وتاريخها العريق، تجدها في كل ركن من أركانها المتأصلة لأحقاب متتالية مثل سوق القيصرية وعمارة فخرو إلى بيت سيادي إلى أحياء لازال عبق الماضي يمجدها ويمجد من سكن بها من عوائل بحرينية عريقة عرف عنهم الطيب والكرم مثل «فريج البن خاطر» و«فريج البوكواره» و«فريج المعاودة» و«فريج البنعلي» و«فريج العمامرة» والكثير من فرجان لول التي تشعرك بأن أهالي تلك الفرجان لم يغادروها ولم يرحلوا، وأعني بذلك أهلها الأولين أجدادنا عظماء المحرق.

مهرجان ليالي المحرق تنوعت فعالياته بين موسيقى تأسرك وتأخذك إلى الفن الذي تميز به فنانو البحرين كفن الصوت والفجري واستحضار الأغاني المحلية الأكثر شعبية والتي تثير القصص الجميلة في كل بيت كما أن المأكولات البحرينية تستفز حاستي الشم والتذوق وتجبر الكثيرين على تعريض «برامج التخسيس» للخطر مثل الكباب والخنفروش، أو عندما عرض الباحث الدكتور نوح خليفة في المهرجان فيلماً وثائقياً بعنوان «نساء المحرق» حيث برز من خلاله بالتعاون مع المخرج المبدع محمد جناحي دور المرأة في زمن الغوص حيث الألم والتحدي والعزم على مواصلة الحياة في فيلم لم يخلُ من الشجن والحنين إلى الماضي. ليالي المحرق لم تكن مجرد ليلة وإنما تاريخ يسرد الماضي ويستبشر بالمستقبل عندما يعزز كل مواطن تاريخ البحرين الذي يعكس الموروث الشعبي للأجيال القادمة من أبرزها الحرف التقليدية والفنون الشعبية والملابس والمأكولات الشعبية مثل الحلوى والقهوة البحرينية كل ذلك وأكثر كان حاضراً في مهرجان ليالي المحرق، ونلتمس مرة أخرى من هيئة البحرين للثقافة والآثار تمديد هذه الليالي فهي بالتأكيد نوع من أنواع السياحة الداخلية واستقطاب السائح من دول الجوار.