مع أول موجة شديدة لارتفاع الأسعار قبل نحو عامين، أغلقت الجهات المعنية محلاً متواضعاً لبيع شاي «الكرك»، وذلك لأن صاحبه رفع سعر «كوب الكرك» من 100 فلس إلى 150 فلساً. ووقتها قلنا، بأن هذا الإجراء المهم والبسيط، من شأنه أن يوقف التلاعب بالأسعار. ووقتها أيضاً، ذهبتُ لشرب «كوب الكرك» من أحد المحلات الكبيرة، وإذا به يرفع سعر الكوب الواحد إلى 1.300 فلس، فعرفت أن هذا القرار الهزيل، لن يؤدب المطاعم الكبيرة التي من حقها أن ترفع أسعار منتجاتها بالطريقة التي تفرضها.

اليوم، وبعد أن ارتفعت أسعار كل شيء دون استثناء، حتى بات الميت يحس بلهب نيران هذا الارتفاع الفاحش، وأصبح حديث الشارع، وحديث الصغير قبل الكبير، والمواطن قبل المقيم، وجدنا وزير التجارة يؤكد لنا أن الأسعار تحت السيطرة، وأن مراقبة الأسعار مستمرة، وأن هناك زيارات ودراسات مستمرة لمراقبة هذا الأمر!!

المواطن يريد أن تعود الأسعار لعهدها السابق، خصوصاً للسلع المدعومة ولكل السلع التي لم تتأثر بقضايا الشحن أو لم تتأثر من الأحداث العالمية الحاصلة. نعم، هناك بعض الظروف والأسباب وراء ارتفاع بعض السلع كما أكد ذلك وزير المالية، لكن يجب ألَّا تكون هذه الأحداث شماعة يعلق عليها التاجر الجشع ارتفاع كل الأسعار والمواد، حسب أطماعه وجشعه ولو كان ذلك على حساب «جيوب المواطنين».

إن ارتفاع الأسعار الواضحة «وضوح الشمس»، تحتاج لقرارات قوية لإيقافها وفرملتها، وأن تنتهي سلسلة التبريرات من طرف الجهات المعنية لبعض التجار الذين يستطيعون رفع أسعارهم وقت ما يشاؤون، لأنهم يدركون أن لا أحد يستطيع محاسبتهم أو غلق متاجرهم بسبب مخالفتهم لقانون رفع الأسعار، ولهذا نجدهم كل شهر يرفعون سقف أسعارهم وهامش أرباحهم دون رادع.

إن ارتفاع الأسعار المستمرة يعني أيضاً استهداف دخل المواطن العادي، بل وحتى دخل المواطن متوسط الدخل، وربما الغني كذلك، وهذا يعني مزيداً من الضغط غير المبرر على معيشة المواطن ومعه المقيم، ومن هنا وجب أن يكون خطاب وزير التجارة شرساً ضد المتلاعبين في الأسعار، بدل التبرير المستمر لسلوك التجار في كل زيارة أو محفل.

نعم، نحن لا نريد أن نلغي جهود وزارة الصناعة والتجارة كلها، بل نريد أن تتحول هذه الجهود لبرامج عمل حكومية قوية ضد كل المتلاعبين بالأسعار، حتى لا يعيش المواطن بين مطرقة الأسعار الملتهبة، وبين غياب الرقابة على الأسعار. إنه القرار السهل.. مراقبة الأسعار.. هذا كل ما نريده.