وصل العرب بالإسلام إلى حدود الصين شرقاً وإلى الأندلس وجنوب فرنسا غرباً، وحققوا امتداداً جغرافياً كبيراً وهناك حقائق تاريخية تذكر أن التجارة الموجودة في منطقة شبه الجزيرة العربية قبل عهد الإسلام والساحل الجنوبي للصين قد ازدهرت عندما اعتنق التجار البحريون العرب الإسلام وأصبحت التجارة مدخلاً آخر لنشر لغة الضاد والإسلام والتجارة في ذلك العهد حيث أقيم مجتمع إسلامي كبير ودائم داخل الصين من هذه المداخل.

كان سؤالنا الذي توجهنا به خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي للإعلان عن انطلاق الموسم العاشر لبرنامج أمير الشعراء، والذي يعتبر أضخم البرامج الشعرية في العالم التي تدعم الشعر الفصيح وتعمل على نشر ثقافته وتعميمه لدى الشعوب العربية وغير العربية عن أكثر الجنسيات العربية وغير العربية المشاركة بالبرنامج طيلة الـ15 سنة فائتة منذ أول انطلاقته، وإن كان هناك توجه لنشر محتوى إلكتروني شعري كما الورقي الذي تعكف عليه اللجنة بإصدار ديوان مطبوع بأبرز المشاركات الشعرية للقصائد المتميزة للشعراء كتوثيق أمام جيل أصبحت بؤرة اهتماماته التصفح الإلكتروني أكثر من الورقي، وما أكثر القضايا المتكررة التي تناولتها القصائد والأشعار؟ وهل هناك مؤشر يقيس ذلك حتى نستطيع أن نصل بالفهم إلى ما يشغل الذهنية الشعرية العربية؟ حيث أجابنا رئيس مركز أبوظبي للغة العربية الدكتور علي بن تميم أن البرنامج يحظى بمشاركات متنوعة من مختلف الجنسيات سواء العربية وغير العربية، وقد قدم وعداً لنا أن تكون بالمستقبل القريب هناك دراسة تقيس أكثر الجنسيات المشاركة بالبرنامج منذ انطلاقته الأولى والقضايا المطروحة، وأن هناك مساعٍ حثيثة للانفتاح أكثر لأقاليم الشعر العربية.

ما لفتنا في إجابة د. علي بن تميم أنه أكد أن البرنامج يقوم حالياً على أهداف للوصول والانفتاح على الدول غير العربية التي يتواجد فيها العرب كأمريكا مثلاً، وكذلك الدول الأفريقية غير العربية حيث يحاول القائمون بقدر المستطاع أن يصلوا بالشعر العربي لغير العرب، وهذا شيء بالتأكيد يفرحنا كعرب أن هناك استراتيجية تقوم عليها اللجنة المنظمة، وبرنامج أمير الشعراء ليس في الحفاظ على اللغة العربية من الاندثار فحسب بل في الوصول بلغة الضاد ونشرها من خلال ثقافة الشعر لدى الشعوب غير العربية، وجعلها لغة متداولة ثقافياً وأدبياً من خلال ما يدخل في مفهوم القوى الناعمة ولعل ذلك تجلى واضحاً من خلال عدد المشاركات للشعراء من دول غير عربية يجيدون كتابة الشعر باللغة العربية.

لقد ذكر خلال استرساله في إجابة أسئلتنا أن القضايا التي تطرقوا لها الشعراء خلال البرنامج يمكن من خلالها قياس علاقة أجيال العرب الشعرية الشبابية بالقضايا المتنوعة، ومواقفهم وكيف تتولد هذه المواقف وكيف تتطور بانشغالاتهم وكيف يعبروا عنها من منظورهم الأدبي والثقافي مما يوجد خارطة للشعر العربي المعاصر الذي يصور مستقبله. كلام د. علي بن تميم ينبئ بكل خير بالتأكيد ويبهجنا كأبناء للغة الضاد، ولكننا لا نزال نشدد على أهمية التوثيق وقياس التسلسل السنوي فيما يخص مؤشرات أبرز القضايا التي تتناولها القصائد والأشعار لنجوم الشعر المشاركين لفهم الذهنية الشعرية، وإلى أين تتجه والقيام بدراسات أكاديمية دقيقة وذلك لمعرفة بوصلة الاتجاه فيما يخص استراتيجيات تعميم ثقافة الشعر، والوصول به إلى مراسي الدول غير العربية ونشره داخل مجتمعاتها كثقافة أدبية وشعرية وحتى يكون الحراك الشعري والثقافي أكثر احترافية وعلى استناد أكاديمي دقيق وقاعدة علمية صلبة، وكنت أتمنى لو استعرض المؤتمر الصحفي إحصائيات عن أكثر دولة عربية وأيضاً غير عربية شارك شعراءها بالبرنامج طيلة الـ15 سنة، وأي دولة خليجية وعربية تقبع في رأس هرم المشاركات وكم عدد شعراء كل دولة منذ انطلاقة البرنامج؟ حيث كان بودنا لو نحظى بإحصائية عن مجمل عدد البحرينيين المشاركين في مواسم الشعر كافة منذ انطلاقتها، ونتمنى أن يضع القائمون على برنامج أمير الشعراء وشاعر المليون والمنكوس هذه المقترحات بعين الاعتبار من باب التوثيق.