إن من أكثر ما تنهض عليه الدول، هو الأمر الذي يتعلق بسياساتها الخارجية، فهي المنطلق الذي يبيِّن للعالم عنوان وشريعة هذه الدولة ومنهجها وحتى سلوكها وتحضرها أو عنجهيتها. فالدول العميقة والمتوازنة تُعرَف بدبلوماسيتها وما يتمخض عنها من قرارات صحيحة وهادئة، ولهذا لازمت «الحكمة» مفهوم الدبلوماسية في كل منعطفاتها وتاريخها، حتى يومنا هذا.

قبل أيام مضت، مرت علينا مناسبة مهمة جداً، ألا وهي مناسبة اليوم الدبلوماسي لمملكة البحرين. ومن هنا كان لابد من الوقوف بعض الوقت على هذه المناسبة، وربطها بالأحداث الإقليمية والعالمية.

كلنا يعرف مؤخراً مدى توتر الأجواء السياسية وسخونتها في المنطقة، فالاحتقان هو سمة هذه المرحلة، إذ إن خارطة السياسات العالمية والدولية للكثير من الدول وصلت لطريق شبه مسدود، وذلك حين تم تعطيل الحلول الدبلوماسية بشكل غير مبرر، واستبدلت بعض الدول الحكمة بالسلاح، فصار الاحتقان هو سمة المشهد السياسي في المنقطة تحديداً، وفي العالم بشكل عام.

في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، وما خلفته الحرب الروسية الأوكرانية من تبعات سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية على بقية دول العالم، وانسحاب تبِعات هذه الحرب على المنطقة وعلى حلفاء كلتا الدولتين، كان لابد أن تأتي الدبلوماسية الحكيمة لتشق طريقها نحو الحلول العاقلة والمتزنة، بدل مزنجرات الحروب والصراعات الفتاكة، والتي لن تخدم أي طرف من أطراف النزاع في المنطقة والعالم.

في مملكة البحرين، وعبر سياستها الصريحة والواضحة، ومن خلال دبلوماسيتها الحكيمة، حاولت ومازالت تحاول فرض قيم التسامح والتعايش، ومد جسور التعاون والصداقة بينها وبين بقية الدول، والتي تقوم على مبادئ السلام وحسن الجوار، وأن تتحرك الدبلوماسية البحرينية في مسار وفضاءات رحبة من التقارب الدبلوماسي بينها وبين الدول، وأن تكون طاولة الحوار هي الأساس وليس الاستثناء في بناء العلاقات، وأن تكون قائمة على التحاور والتشاور والتعاون، والمساهمة في تطلعات المجتمع الدولي لترسيخ السلام بين الدول.

في اليوم الدبلوماسي، نؤكد دائماً وأبداً بأن لا خيار آخر أمام الدول سوى العمل بمنهجنا هذا، وأن تكون الدبلوماسية حاضرة بقوة خلال هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العالم، وأن نسعى لنشر دبلوماسيتنا لكافة الدول، وذلك لأجل استقرار وأمن المنطقة والإقليم والعالم.