خبران، أحدهما حرق المصحف، والثاني شاذّان تزوّجا وتبنّيا طفلين ربَّياهما، ثم مارسا الجنس معهما في أفلام إباحية نشراها على شبكة الإنترنت!!

نبدأ بالأول:

دانَ رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، الأحد حرق نسخة من المصحف في العاصمة ستوكهولم، ووصف رئيس الوزراء ما حدث بأنه عمل «غير محترم»، على الرغم من إقراره بأنه لا ينتهك القانون.

كتب رئيس الوزراء على تويتر: «حرية التعبير جزء أساسي من الديمقراطية، لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة مناسباً»، معرباً عن تعاطفه مع المسلمين الذين ساءَهُم ما حدث في ستوكهولم». «انتهى الخبر».

تخيّلُوا! عجزت سلطات رئيس وزراء السويد عن منع عمل يقتنع الرئيس بأنه يشكل خطراً على أمن الدولة وعلى المجتمع السويدي، بل ويمكن أن يسبب أضراراً تتجاوز في حدودها مملكة السويد لتصبح اضطراباً عالمياً، ويؤمن بأن ما يجري خطير على السلم العالمي، لكنه عاجزٌ تماماً عن منعه، وسلطاته عاجزة عن منعه؛ لأن المنع في عرف الديمقراطية السويدية يعد انتهاكاً لحرية الفرد!!

المسكين لم يتمكن حتى من إصدار بيان رسمي، فاختار أن يعبر عن رأيه على منصته الخاصة في تويتر. إن تقديس الحرية الفردية كقيمة ديمقراطية بلغ إلى حدود الجنون واللامنطق عند اليسار الغربي، هو تقديس يحصنها ضد المنع، ويسمح لها أن تفعل ما تشاء حتى لو حرقت البلد، بل إن تقدير الخطورة وتقدير الضرر يمكن أن يكونَا موضع جدل حين يمسّانِ الأمن الوطني، ولكنهما لا يناقشان حين يمسان الحرية الفردية.

لقد جُنَّ الغرب، بل إن اليسار جنّ بتمسكه بقيمه التي أصبحت مصدر تهديد أمني واضح، واليمين أكثر منه بأخذه سياق الأحداث إلى حافة الهاوية. أوروبا تتجه لشدِّ الحبل بين نقيضين متطرفين يستغل كلٌّ منهما قيماً حين قدست كانت لأهداف أخرى واليوم تستغل وتوظف لخدمة الجنون.!!

الذي حرق المصحف من اليمين المتطرف، والذي سمح لهذا العمل (غير المحترم- على رأي رئيس الوزراء) هم حكومة يسارية تملك تفسيراً وفهماً للحرية الفردية غير منطقي بتاتاً، كلاهما متطرف في المعتقد، وكلاهما في تحدٍّ تجاه الآخر، هذا هو حال أوروبا الآن، وتلك هي صورة الصراع بتجرد تامٍّ وبلا «رتوش».

يمينٌ يتشدد في معتقداته وفكره، فلا يرى حقاً إلا هو، ويسارٌ يرى في ضوابط الحق جرماً، فيجوز للفرد ما لا يجوز للدولة. مجنون يحرق البلد، ودولة تتفرج لأن تلك هي أهم قيمة حضارية تفتّقت عنها الحضارة الغربية.

الأدهى أنهم وهم في هذه الحيرة وفي هذا الجدل، وهم في غمرة إعادة طرح الأسئلة، يضعون نموذجهم الحائر مسطرة على الآخرين السير على خطاها، ومرجعية يُقاس بها النجاح من الفشل.

الخبر الثاني:

بعد السماح للشواذّ بالزواج وذلك يعد (إنجازاً) بالنسبة إلى اليسار الأمريكي سمحوا لهم بتبني الأطفال وتربيتهم في تلك البيئة المخالفة للفطرة وتشويه مفاهيم الطفولة عن البشرية والعائلة والفطرة السليمة، أما آخر خبر اندهاش واعتراض بل ومحاكمة فهو أنّ اثنين من الشواذ استغلا طفليهما بالتبنّي لممارسة الجنس ونشر فاحشتهما على الإنترنت.

وتستغرب من تجريمهما وكأن ذلك كان غير متوقع، وكأنّ السماح بالزواج والاعتراف القانوني بالشذوذ سينتج أو يخلف أمراً غير المزيد من الشذوذ. إن ما فعله هذان الشاذّان نتيجة طبيعية جداً لشرعنة الشذوذ والاعتراف به.

هناك الآن جماعات تريد شرعنة الاعتراف بهم ككلاب، وهناك جماعات تشوّه أجسادها لأنها تريد أن تكون معاقة.. كلها حريات فردية جنونية أصبح المجتمع ملزماً بتلبية جنونها واحترامه وقبوله وتشريعه.

نعم، الغرب حضارة، نعم، الغرب تقدم تكنولوجي، نعم، الصورة ليست كلها بذلك التطرّف، إنما نؤكد على أن هذا السواد الحالك المتطرف حقيقي غير مفترًى عليهم به، تطرف يشكو منه المجتمع الغربي ويتناقشون خوفاً منه، ونحن نذكره هنا لنذكركم برؤية الأشياء بواقعية تزيل تلك الهالة التي وضعها البعض لهم، والتي تعمي بصيرة البعض، وتجعلهم لا يرون غير أضوائهم والانبهار بها، فمثلما لدينا تطرف لديهم تطرف. الفارق أننا نرفض التطرف أيّاً كان دينياً أو سياسياً أو أخلاقياً، إنما هم يشرعنونه ويقنّنُونَه وفي النهاية يلزمون أنفسهم بقبوله. والمفارقة أنهم عاجزون عن منع نتائجه المخيفة.