في 1982 قصفت إسرائيل بطاريات صواريخ سام التي نصبها الجيش السوري، وعلى الفور صدر عن النظام الحاكم فيها تصريح على لسان وزير خارجيته حينذاك عبدالحليم خدام استنكر فيه العملية وشجبها وقال إن "سوريا سترد في الوقت والمكان المناسبين". ورغم أن العمليات التي تستهدف سوريا لم تتوقف طيلة السنوات الماضية، ورغم عدم حصول الرد المحتفظ به قط فإن التصريح نفسه ظل يتكرر ويتضمن التأكيد على ما يتم التأكيد عليه في كل مرة.

اليوم يقوم النظام الإيراني بفعل الشيء نفسه، وقد قال مسؤولوه فور استهداف أحد مراكز الدفاع في أصفهان وتبينه أن إسرائيل هي من قامت بذلك بدعم من الولايات المتحدة -بحسب مسؤولين أمريكان وأشخاص مطلعين- إن إيران "تحتفظ بحق الرد".. الذي لن يأتي غالباً أو سيأتي عبر مليشيات النظام في الخارج وخصوصاً مليشيا "حزب الله" بغية القول إنه أتى.

أهل السياسة والدبلوماسيون يعرفون أن هذه العبارة ليست سوى بوابة للهروب وتراجع عن اتخاذ موقف عسكري، ويعرفون أيضاً أن الرد لن يأتي وسيظل أهله محتفظين به.

انتهاك سيادة الدولة -أي دولة- يتطلب الرد الفوري وليس الإعلان عن الاحتفاظ بحق الرد؛ فهذه الجملة لا قيمة لها، وخصوصاً عندما تصدر عن دول لم ير أحد رد فعلها في مناسبات مشابهة، ما يؤكد أنها ضعيفة ولا تستطيع الرد لا في التو ولا في الآجل. ولو أن أحداً تفرغ لجمع الحوادث التي قيلت فيها تلك العبارة لملأ بها العديد من الكتب من القطع الكبير.

واقع الحال يؤكد أن النظام الإيراني لا يستطيع غير الرد على الشعب الإيراني ومن يخشاه في الداخل، تماماً مثلما لا يزال النظام السوري يقوم بالرد على الشعب السوري ومن يخشاه في الداخل، أما ما يأتيهما من الخارج فجزاؤه الإعلان عن الاحتفاظ بحق الرد والقول إنه سيأتي في الوقت المناسب والمكان المناسب.. ولا يأتي طبعاً!