رأيت معالي المشير خليفة بن أحمد آل خليفة بعينيّ كيف يعمل. ورأيته كيف يدير كقائد واحدة من أقوى جبهات هذا الوطن. واستمعت له كيف يتحدث، وكيف يفكر وكيف يحلل. وأدركت تجذر وأصالة الوطنية والانتماء والولاء في هذا الرجل القوي، وكيف أن الثقة التي تشع منه تؤكد فراسة قائدنا الأعلى وملكنا الغالي جلالة الملك حمد، حينما وضع هذا الرجل القدير على يمينه خلال تأسيس قوة دفاع البحرين قبل 55 عاماً.

نعم نصف قرن فوقها خمسة أعوام، هي عمر منظومة وطن، ودرع حصين للبحرين، أسسها الملك حمد، هذا الرجل العظيم بحرصه على أمن البلاد وسلامة أهلها. الرجل الذي أسس للبحرين قوة لا يستهان بها، تضم رجالاً مخلصين لو كان بينهم وبين الدفاع عن تراب البحرين وأهلها الموت، لما ترددوا في الاستشهاد لأجل الله ثم لأجل الوطن.

وعليه دائماً ما أفكر قبل أن أكتب في ذكرى تأسيس قوة الدفاع. إذ ما هو الجديد الذي يجب أن يعرفه الناس؟! هل فضولهم ينحصر بشأن آخر التطورات التي وصلت لها هذه المنظومة؟! أم تستنهض وطنيتهم قصص الأبطال الشجعان من أبناء البحرين وهم يدافعون عن حياض الوطن؟! أم هي عملية تذكير بأن لديهم جيشاً عظيماً بعظمة أبنائه وتضحياتهم؟!

معالي المشير في حديثه للصحافة المحلية كشف كثيراً من الأمور بشأن التحديث والتطوير وزيادة القوة والجهوزية التامة والاستعداد. تحدث عن رؤية ملكنا الثاقبة، وعن الهدف الأسمى من الجهود المبذولة، ألا وهو سلامة الوطن وأهله، مهما كانت التضحيات.

عرفناه رجلاً لا يهادن في أمن بلاده، يعرف تماماً من هو العدو، ومن هو المستهدف، وكيف تدار الأمور العسكرية بحنكة، وكيف يتم التعامل مع كبريات الأنظمة العسكرية العالمية وبالطريقة التي تبرز البحرين بشموخها وعزتها وعظمتها. قالها لي يوماً وجهاً لوجه: هذا وطن لن يهزه شيء، فيه قائد حكيم محنّك شجاع اسمه الملك حمد، فيه رجال أوفياء، فيه مواطنون كل فرد مخلص منهم هو جندي في ساحة المعركة لو فقط سمع صوت البحرين تدعوه لنصرتها. وفي كل المحطات والملمات الحاسمة كان الرجال المخلصون من قياديين وضع فيهم ملكنا الغالي الثقة على الموعد، كان خليفة بن أحمد الأمين على هذه القوة البحرينية الضاربة جاهزاً، وهو وكتائبه وبصدور مفتوحة يقفون سداً أمام أي عدوان.

لذلك حينما نستذكر هذه الذكرى، هي ليست كلمات جميلة تقال، أو تعابير إشادة وفرح وتهانٍ. بل أراها ذكرى لكل بحريني ليدرك بأن بلاده ستظل شامخة عزيزة حرة أبية، بأن البحرين لا يدنس ترابها عدو أو خائن أو كائد، بأن فيها جيشاً على أهبة الاستعداد ليحميها ويحميك، وفيه أبطال تسهر عيونهم حتى تقر عيونكم.

هذه قوتنا، هذه منظومتنا التي أسسها الملك العظيم حمد، هذه مسيرة وطن تكتب بماء الذهب، وصدق المشير حينما وصفكم جميعا بأنكم «جند حمد»، وأن كل واحد فينا يضع البحرين في قلبه، هو جندي في ساحة المعركة، أبلغ وأسمى مراميه حماية هذا التراب الطاهر حتى لو استشهد ودفن تحته.

هذا ملخص ما مضى من ملحمة وطن، وفي نفس الوقت مستقبل مسيرة ستظل ترفع راية الوطن حراً أبياً آمناً ومستقلاً.