إنسان بدرجة «ملك»، نتعلم منه كل يوم كيف يكون السعي لصالح البشر، وكيف يجب أن يكون السلام أساساً للحياة.

جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، خلال 20 يوماً متواصلة من المتابعة والاهتمام والاجتماعات على امتداد ثلاث قارات، والمشاركات في اجتماعات مهمة ولقاءات رفيعة المستوى، كان يعمل بنفسه انطلاقاً من إيمانه بحق أشقائنا الشعب الفلسطيني في قيام دولتهم المستقلة والحصول على حقوقهم التي نصت عليها الشرعية الدولية، والأهم حقوقهم كبشر، حيث يعانون الآن من ظروف إنسانية صعبة بسبب التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة.

بدأها ملكنا الإنسان في كلمته أمام دور الانعقاد للمجلس الوطني وتأكيده أن قضية العرب الأولى فلسطين أولويتنا، وأن موقف البحرين ثابت لا حياد عنه في دعم جهود السلام وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وضمان حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة.

بعدها وجه ملكنا حفظه الله بتقديم مساعدات عاجلة للشعب الفلسطيني الشقيق، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها. وقام السفير الفلسطيني في البحرين بشكر جلالته على المسارعة في تقديم المساعدات.

إثر ذلك وجه جلالة الملك المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية لتدشين حملة إنسانية لإغاثة أشقائنا في فلسطين، ليغادر بعدها جلالته ليبدأ زيارة لمملكة المتحدة وإيطاليا وحاضرة الفاتيكان لإجراء مباحثات حول التصعيد العسكري الإسرائيلي على غزة.

وخلال اجتماعاته وجه جلالته أمراً لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ليشكل اللجنة الوطنية لإغاثة الشعب الفلسطيني. وفي بريطانيا التقى جلالته الملك تشارلز وأجرى مباحثات معه ومع كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية، أكد فيها ضرورة وقف التصعيد العسكري وإغاثة الشعب الفلسطيني ومنع تفاقم الأوضاع الإنسانية.

بعدها توجه ملكنا إلى إيطاليا وأكد خلال لقائه الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا على إعطاء الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة. وخلال لقائه بابا الفاتيكان ومباحثاته معه بشأن السلام والاستقرار العالمي، شكر بابا الفاتيكان جلالة الملك على جهود جلالته الخيرة ومبادراته الإنسانية النبيلة من أجل خير شعوب العالم كافة، وتم التأكيد على الدعوة إلى السلام ورفض العنف وحماية البشر. وكذلك حينما التقى جلالة الملك رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مؤكداً مواصلة البحرين نهجها الداعي إلى تعزيز الأمن والاستقرار وترسيخ السلام في المنطقة، وموقفها الثابت في إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه وإقامة دولته، وإغاثته.

ومن هناك إلى السعودية ليشارك ملكنا في القمة الخليجية مع رابطة «الآسيان»، وليؤكد ضرورة الابتعاد عن سياسة تهجير أهل غزة من بيوتهم وأحيائهم وأرض أجدادهم، ويشدد على حق الفلسطينيين المشروع، وأن فلسطين ستبقى أولويتنا الكبرى.

هنا بدأت الحملة الوطنية لإغاثة غزة، ودشنها جلالة الملك بالإسهام فيها بـ8.5 ملايين دولار. ولتجمع الحملة أكثر من 16 مليون دولار، في فزعة شعب مخلص لبى دعوة قائده للتضامن ونصرة إخواننا في فلسطين. وأعلن السفير الفلسطيني أن البحرين قيادة وشعباً أول من فزعوا لغزة.

ولم يهدأ ملكنا الغالي، إذ بعدها فوراً وصل إلى مصر للمشاركة في «قمة القاهرة للسلام»، وأكد فيها ضرورة بذل كل الجهود لوقف الحرب في غزة، وتوفير الحماية للفلسطينيين وإغاثتهم، وإيجاد حل عادل وشامل للقضية.

في القاهرة وجه ملكنا رسائل مهمة جداً، إذ قال: لا استقرار في الشروق الأوسط دون تأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإن معاناة أشقائنا تتطلب جهداً دبلوماسياً متواصلاً لوقف التصعيد العسكري، موضحاً أن البحرين اتخذت خيارها الإستراتيجي للسلام كأساس لتحقيق مزيد من الأمن والاستقرار، وأن الحوار والنهج السلمي والحضاري سبيل وحيد لتسوية النزاعات.

وما بين اجتماعات مع إخوته القادة، تم التأكيد فيها على ضرورة توحيد الجهود العربية لوقف التصعيد في غزة وحماية شعبها، إلى زيارة للإمارات ملتقياً أشقاءه رئيس الإمارات، ومن بعدها نائب رئيس الإمارات حاكم دبي، ليبحث معه آخر التطورات في المنطقة وما يحصل في فلسطين، قبل أن يتوجه عائداً إلى البحرين في نفس اليوم، بينما توجيهاته تنفذ بسرعة عاجلة، إذ دشنت البحرين أولى الشحنات الإغاثية المرسلة بأمر جلالته إلى غزة، بتكلفة مليون دولار للشحنة وبواقع 40 طناً.

هذه الجهود لقائدنا الإنسان إنما هي دروس مضامينها عديدة، كلها تنبع من قلب ملك يحب الخير ويسعى لصالح الإنسان، وكيف أن السلام رسالة وغاية بها تحقن الدماء، وبها تتحقق مطالب الإنسان مهما كانت أمامها صعوبات وعراقيل.

جزاك الله ملكنا الغالي كل الخير وأدامك ذخراً وسنداً للجميع.