شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في 30 مايو 2024 أول حدث تاريخي على مستوى المسار السياسي لها عندما تم إدانة أول رئيس أمريكي سابق بقضايا جنائية، حيث أدانت هيئة المحلفين في نيويورك دونالد ترامب في قضية دفع أموال بما يخالف القانون لشراء صمت ممثلة أفلام إباحية.

وبعد المحاكمة وفي أقل 24 ساعة، قال ترامب في كلمة ألقاها في برجه في مانهاتن أن «المحاكمات هدفها إعاقته في استكمال حملته الانتخابية»، ووصف في الوضع في أمريكا قائلاً «نحن نعيش في دولة فاشية».

تصريحات الرئيس الأمريكي السابق ترامب جاءت مبررة للوضع الراهن، ففي صحيفة بلبومبرغ قالت هناك تكتل لا يستهان فيه من رؤوس الأموال في وول ستريت غيروا توجهاتهم من دعم الرئيس الحالي بايدن إلى الذهاب لدعم الحملة الانتخابية للرئيس ترامب، حيث أعطى الأخير وعود بخفض الضرائب وغيرها من المزايا لدعم المستثمرين، وفي المقابل في تقارير حديثة تكشف حقيقة الوضع الاقتصادي الداخلي في أمريكا بأن 43% من الشركات الصغيرة غير قادرة على دفع مبالغ الإيجارات مما يعني بأن أصحابها قد يجدون ترامب قارب النجاة لهم.

وبالتالي فإن محاكمة ترامب في ظل تنافسه المرتقب مع الرئيس الحالي جو بايدن اللذين سيكونان على موعد لمناظرة الانتخابات الرئاسية بتاريخ 27 يونيو المقبل ستكون هي معركة نزال من العيار الثقيل، حيث ستشهد وسائل الإعلام العالمية مباراة سياسية في مرحلة الذهاب، أما الإياب فستكون بتاريخ 10 سبتمبر المقبل، حيث إن المناظرتين ستحددان بشكل قاطع مصير الفائز عبر استطلاعات الرأي أولاً ومن ثم صناديق الاقتراع.

غير أن كل هذه الأحداث وما سيجري خلال الفترة المقبلة جميعها رسالة مهمة وجهتها أمريكا للعالم، بأن الداخل الأمريكي غير مستقر بشكل لا يمكن الوثوق به، فمحاكمة ترامب والوضع الاقتصادي والانقسام السياسي المعلن سواء من قبل رؤوس الأموال في وول ستريت الذين غيروا اتجاهاتهم لدعم الرئيس ترامب على الرغم أن أسواق البورصة الأمريكية تكسر الأرقام القياسية، وغيرها من السياسات سواء على المستوى العلاقات الخارجية كزيادة الضرائب على الواردات الصينية على سبيل المثال لا الحصر كمجال البطاريات والسيارات الكهربائية أضف استمرار مسارح المعارك التي تثقل كاهل الميزانية الأمريكية كأوكرانيا وحرب غزة فإن ذلك تراكمات تنعكس على مستقبل أمريكا كدولة عظمى.

خلاصة القول، إن العالم يشهد ظاهرة سياسية جديدة في عصرنا الحالي وهي مرحلة الصراع الداخلي لأقوى دولة مهيمنة على مفاصل العالم، فهي تستدعي دراستها بالشكل الأمثل وذلك للتعامل معها وفق ما ستفرزه من نتائج يمكن على إثرها رسم السياسات الخارجية للدول بناءً على تلك المتغيرات المستحدثة.