في ظل الحرب التي تشغل الشرق الأوسط بين إسرائيل وحماس وحزب الله اللبناني، ظهرت أصوات في وسائل الإعلام الغربية والعربية تتحدث عن خيار استخدام السلاح النووي من قبل إسرائيل، وأن ذلك سيكون اللاعب الحاسم في المعركة وكأن اتخاذ قرار الاستخدام بيد القادة في تل أبيب.

من منطلقات واقعية، يجب التحدث أن البرنامج النووي الإسرائيلي وبحسب المصادر المفتوحة في عام ١٩٧٩ اكتشف قمر المراقبة الأمريكي (Vela 6911) وميضاً مزدوجاً في المحيط الهندي بين أفريقيا والقارة القطبية الجنوبية وهو ما يتوافق مع تفجير سلاح نووي، وسميت بحادثة «فيلا» وهي بالغالب كانت تجربة نووية إسرائيلية غير أن الرئيس جيمي كارتر حينها رفض هذا الحديث، وفي عام ٢٠٢١ قدر الباحثون أن إسرائيل تملك ٩٠ رأساً حربياً نووياً ويمكن إطلاقها بواسطة الطائرات والصواريخ الباليستية الأرضية وصواريخ كروز البحرية.

وفي المقابل، فإن جميع دول الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل لا تملك إلى هذه اللحظة أي رؤوس أو سلاح نووي، وهذا ما يعطي تل أبيب سلاح ردعاً مهماً في ساحات المعركة، غير أن ذلك قد يغير المعادلة بشكل كبير، السؤال كيف ذلك؟

بعد الحرب الباردة والتجارب النووية والهيدروجينية بين روسيا «الاتحاد السوفيتي» سابقاً والولايات المتحدة الأمريكية كان هناك نوع من ميثاق الشرف لعدم استخدام السلاح النووي لضمان بقاء حياة البشرية، لأن هذه النوعية من الاستخدامات في ساحات المعركة أو سوء التقدير قد يؤدي لهلاك البشرية، وبالتالي فإن التطورات حتمت على الكتلتين النوويتين أن يتخذا هذا الميثاق غير المعلن، وقد عمل القطبان على صناعة السلاح النووي التكتيكي الذي يقال بأن تأثيره محدود في ساحة المعركة، لهذا فإن استخدام إسرائيل أو موسكو لأي سلاح نووي قد يعرض العالم لمشكلة لا يمكن السيطرة عليها وقد ينتج ذلك وفيات بالملايين.

بمعنى إذا أقدمت إسرائيل على استخدام السلاح النووي فإن موسكو تنتظر هذه اللحظة لاستخدام ترسانتها النووية في أوكرانيا، كما أن طهران لن تتأخر كثيراً في تسريع وتيرة صناعة سلاحها النووي لبقاء النظام، ومن جهة أخرى ستتسارع دول العالم ذات القدرات المالية إلى استقطاب الأسلحة النووية سواء التكتيكية أو حتى الرؤوس النووية البالستية، ومن هنا يحدث السيناريو الأكبر هو انتشار أسلحة الدمار الشامل والذي بدورها قد تصل إلى كيانات ومليشيات إرهابية وهذا هو الخطر الأكبر.

فأن العقيدة النووية في الشرق الأوسط هي عقيدة مرتبطة بالكتلة الأمريكية والروسية، فإن أي خرق لهذا الميثاق والقواعد سيؤدي بدوره إلى دمار شامل، وأن ما يروج له بعض المفكرين والمحللين هو مجرد وجهة نظر لا تستند إلى الواقعية بصلة.