العلمانية الغربية ألا تتبنّى الدولة فيها أي معتقد أو ديانة محددة، وتتسامح مع كل المعتقدات، وتمنح الحرية لأصحابها للممارستهم العقائدية، ولا تجبر أحداً على أن يعتنق أي فكرة أو معتقد، فحين انتخب «سوناك» الهندوسي رئيساً لوزراء بريطانيا لم يجرؤ أن يمنع ذبح البقر أو أكله، رغم أن ذلك محرّمٌ في ديانته ومعتقده، فليس هناك حقٌّ لأحد ولا للدولة بمؤسساتها أن تُجبر أحداً على اعتناق دين أو مذهب، ولا تُجبر أي أحد على اعتناق مذهب محدد... إلا «الشذوذ الجنسي» الذي تحوّل في الدول الغربية إلى ما يشبه الديانة، وبحجة حماية حقوق الشواذ قامت بعض حكومات الدول الغربية بفرض تقبله كواقع على مواطنيها والمقيمين فيها، بل وتُعاقب من يرفضه أو لا يقرّ به، بل وتعمل على نشره بين الأطفال ومنع أولياء الأمور من ممارسة حقهم في تربية أبنائهم وفقاً لمعتقداتهم.
أصبح كل ما يتعلق «بالشذوذ» فكراً إجبارياً لا يستطيع أحد إنكاره أو عدم الاعتراف به، سمّوه «مثلية» سمّوه «عابراً للجنس» في النهاية هو فكر لا يعترف بالذكر والأنثى كخلق إنما كاختيار!!
جميع الأديان السماوية تُحرّم فعله، ولطالما كان مُحرّماً عبر التاريخ في أوروبا وأمريكا، إنما اليوم فإن الشواذ لم ينجحوا في نيل الاعتراف بوضعهم فحسب، بل نجحوا في هدم أساس من أسس الحضارة الغربية، وأساس من أسس الديمقراطية وهو حرية المعتقد، فالدولة الآن تعاقب من لا يرغب الإيمان بمعتقدهم ويتمسّك برفضه لهذه الأفكار الشاذة، بمعنى أنه ليس عليك احترامهم فحسب، بل عليك أن تتبنّى معتقداتهم!!
فيوم الاثنين من هذا الأسبوع اعتقلت الشرطة الأيرلندية، معلّماً للمرة الثالثة، حيث قضت محكمة في العاصمة دبلن بسجنه، بعد رفضه الاعتراف بهوية طالبة «عابرة جنسياً» في المدرسة التي كان يعمل فيها.
ووفقاً لشبكة «سكاي نيوز» البريطانية، فقد اعتقلت الشرطة المعلم إينوك بيرك، الذي عمل في مدرسة ويلسون هوسبيتال في مقاطعة ويستميث، بعد رفضه الامتثال لأمر قضائي سابق بالابتعاد عن مدرسته بعد أن طرده مجلس المدرسة من منصبه بعد نزاع بشأن رفضه الاعتراف بالهوية الجديدة لطالبة عابرة جنسياً.
وكان قد جرى إيقاف بيرك عن العمل في أغسطس 2022 بعد مواجهة علنية مع مدير المدرسة آنذاك، حيث اعترض المعلم -الذي وُصِف في الخبر بأنه «المتدين بشدة»- على استخدام ضمير THEY «هم» لمخاطبة طالب أراد تغيير جنسه إلى أنثى» انتهى الخبر.
السؤال هو؛ لِمَ يُحرَم هذا المواطن الأيرلندي من ممارسة معتقداته الدينية؟ وعلى أي أساس توصف معتقداته «بالمتشددة»؟ وما هي المعايير التي يقاس عليها التشدد؟ ولِمَ -وهذا هو الأهم- يُفصل من عمله كعقاب على رفضه الاقتناع بمعتقد ما؟
ابتدعتم مصطلح «عابر للجنس» أنتم أحرار، إنما لِمَ يُفصل ويُسجن من لَمْ يؤمن بهذا المعتقد؟ لِمَ يجبر على الإقرار به وإلا فُصل من عمله وسُجن؟ أليس ذلك قمعاً للحريات الدينية؟ أهذه هي العدالة من وجهة نظركم؟
غريبة هذه الانتقائية لقيمة من أعلى قيم الحضارة الغربية والمعنونة «بحرية المعتقد»، إذ تُجيز لك الدساتير والمواثيق الغربية أن تكون حراً في معتقدك، بل أحياناً تُجيز لك ازدراء لمعتقدات الآخرين وإهانتها تحت بند حرية التعبير كما فعلت في حادثة حرق المصحف، لك الحرية في اختيار معتقداتك ولك الحرية في الدفاع عنها، فلا خطوط حمراء ولا أسقف ولا سماوات حتى لو أردت عبادة الشيطان فلك الحق في ذلك، ويجوز لك أن تعلن عن معتقداتك، وليس لأحد أن يتدخل ويجبرك على تغييرها أو منعك من ممارسة واجباتها، يجوز لك الإعلان عن رفضك لأي معتقد، حتى لو استهزأت برموزه أو حرقتها، إلا لو.. -ولو هذه مستحدثة- بعد أن أصبح الشذوذ الجنسي والاعتداء على الأطفال جنسياً ديانة ومعتقداً فكرياً حراً وإيماناً، هنا نحرت العلمانية لأجل خاطر كل منحرف شاذ له صوت انتخابي!!