ارتكزت انطلاقة البحرين نحو العالمية على المكانة الإقليمية والعالمية لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم لدى دول العالم ومنظماته الإقليمية والدولية وهو ما جعل البحرين فاعلاً أساسياً في الحراك السياسي الدولي والإقليمي سواء عبر رئاسة القمة العربية أو بدورها في كل القضايا العالقة في منطقة الشرق الأوسط، أو من خلال تنظيم حوار المنامة الذي يعقد وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ذلك الحوار الذي يشارك فيه أكثر من 450 شخصية سياسية وعسكرية وأمنية عالمية من أكثر من 40 دولة، وما يميز انطلاقة البحرين نحو العالمية أنها انطلاقة شاملة في كل المجالات السياسية والإنسانية والثقافية والرياضية وأنها انطلاقة تستهدف التواصل والتعاون والتسامح والخير لكل الإنسانية.

نالت قضية الحوار العالمي سواء الثقافي والحضاري والديني جزءاً كبيراً من انطلاقة البحرين العالمية عبر تأسيس مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي والذي أنجز العديد من الأنشطة في عواصم العالم وفي أرض المنامة، بهدف التقريب بين الحضارات والأديان والثقافات وإحلال السلام والتعاون والتسامح بين دول العالم، بدلاً من الصراع والحروب ولأجل ذلك خصصت مملكة البحرين العديد من الجوائز العالمية التي تسهم في إحلال السلام ونشر الخير بين الإنسانية وتقدم البشرية من بينها جائزة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن سلمان لخدمة الإنسانية وجائزة الملك حمد للسلام وجائزة اليونسكو الملك حمد لاستخدام التكنولوجيا في التعليم والتي فاز بها هذا العام مشروعان الأول من كوريا والثاني من بلجيكا.

لا يخفى على أحد الإنجازات الرياضية العالمية التي حققها الشباب البحريني السنوات الماضية بجانب ما أحرز مؤخراً بفوز فريق ماكلارين البحرين بالمركز الأول في بطولة الفورمولا 1 في هولندا، ذلك الفريق الذي لفت أنظار العالم خاصة مع تشجيع صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ودعمه الشخصي للفريق مادياً ومعنوياً، حتى وصل إلى مقعد الصدارة الممتازة وفوزه بالبطولة على كل فرق العالم. هذا بجانب الإنجازات العظيمة التي حققها رياضيو البحرين وأبطال قوة الدفاع مؤخراً وما أولمبياد فرنسا ببعيدة عن هذه الإنجازات والتي أهلت هؤلاء الأبطال لنيل شرف لقاء حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وتكريم جلالته لهم مادياً ومعنوياً.

إن هذه الإنجازات الرياضية العالمية تضاف لما حققه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب من سجل حافل بالبطولات الإقليمية والعالمية والتي كان أبرزها البطولة العالمية الشهيرة والمعرفة باسم «الرجل الحديدي» سواء التي نظمت في البحرين أو في الولايات المتحدة والتي فتحت الطريق لتقديم البحرين إلى الرياضة العالمية وأسهمت في تسويق صورة رياضية إيجابية عن المملكة لدى دول العالم.

لا ينسى أي إنسان الحضور الثقافي لمملكة البحرين على المستوى الخارجي حين كانت المملكة ضيف شرف لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته رقم 47 التي تمت في عام 2015، هذا المعرض الذي يزوره أكثر من 5 ملايين ويُعد من أكبر معارض الكتاب في الشرق الأوسط، حيث كانت البحرين حاضرة في كل فعالياته الثقافية للتعريف بإنجازاتها الحضارية والإنسانية وما تملك من ثقافة أصيلة وكم كانت سعادتي شخصياً حين رأيت علم البحرين مرفرفاً على أرض المعرض وصور القيادة الرشيدة تزين صالات استقبال المعرض.

كذلك كانت المنامة عاصمة للثقافة العربية لعام 2012 وفيها تم التعريف بالثقافة الوطنية البحرينية وحضارتها للعالم أجمع، ثم بعدها بست سنوات يقع الاختيار على المحرق عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2018 لتقديم البحرين وعراقة تاريخها وخصوصية هذه المدينة وإرثها الإنساني وما تضمنت من مكونات حضارية وثقافية متجذرة في التاريخ والإرث الإنساني كانعكاس حقيقي للتنوع الثقافي الذي يميز مملكة البحرين.

ثم يأتي بعد ذلك تتويج المنامة عاصمة للإعلام العربي لعام 2024 اعترافاً من العالم بريادة الصحافة البحرينية وبما تمتلكه البحرين من بنية تحتية رقمية متقدمة، بالإضافة إلى تمتعها بحرية الصحافة والإعلام والفكر والرأي والبحث العلمي كما نص دستور مملكة البحرين على ذلك ويمارس على أرض الواقع، ذلك القطاع الإعلامي الذي ينال جل الرعاية الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم، ومن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مما أعطى للصحافة والإعلام البحريني الدفعة القوية التي جعلته نموذجاً يحتذى للإعلام العربي خلال 2024.

إن انفتاح البحرين على العالم، وانطلاقها نحو العالمية ليس شعاراً يرفع أو أفكاراً تكتب في صحيفة محلية، إنما أصبح واقعاً ملموساً يمارس على أرض الواقع، يراه الجميع في إطار النهضة الوطنية الشاملة، وما كان ذلك ليتم لولا الرؤية الحكيمة والسياسة الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم والدعم الكبير لكل هذه المجالات من لدن سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حيث أظهرت هذه الانطلاقة العالمية أن المكانة العالمية للدول لا تقاس فقط بالمساحة الجغرافية، إنما بالمكانة العالمية التي تتمتع بها قيادتها السياسية وحكمة القيادة ورشدها وعلاقتها الدولية والإقليمية والدور الذي تطلع به في إحلال السلام والتسامح والتعاون بين بني البشر والذي تحكمه الثوابت والأعراف الدولية والمحلية وهذا ما يميز مملكة البحرين في انطلاقها نحو العالمية.

* كاتب وأكاديمي بحريني