مسكين من يظن أن أنياب الليث ابتسامة له، ومسكين من يظن أن النظام الإيراني سيحبه فقط لأنه على نفس المذهب ويتبع ذات المرجعية، ومسكين من يظن أن قلب النظام الإيراني سيصفو لأي عربي، واسألوا العرب من أهل الأحواز وعددهم يصل من أربعة إلى خمسة ملايين وهم على ذات مذهب الولي الإيراني، اسألوهم كيف يعاملهم رجال الولي الفقيه؟ اسألوهم قبل أن تشكروهم!
يقول مدير مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب يوسف عزيزي لـ«النهار العربي»: «في إيران كل أمر سيئ يقترن بالعرب، حتى العواصف الرملية تسمّى بالغبار العربي، والكتب الدراسية تمتلئ بإهانات لهذه الأمة، وحتّى الكتّاب والأدباء ومنهم صادق هدايت، وصادق تشوبك، وعبدالحسين زرين كوب، صبّوا جل جهدهم لتشويه صورة العرب والانتقاص منهم وتحميلهم وزر كل ما تمر به إيران من تخلّف على مختلف المستويات الحضارية».
ويضيف عزيزي: «الإعلام الإيراني بكل وسائله لا ينفكّ عن مهاجمة العرب، ولا فرق في ذلك بين الشؤون السياسية والدينية أو الرياضية، حتى أصبحت العنصرية والكراهية متكرّستين في عقول نسبة كبيرة جداً من الشعب الفارسي، وقد يكون ذلك بشكل غير واعٍ عند العديد منهم».
يفرّق عزيزي بين الأحوازي وأي عربي آخر من الوطن العربي، إذ إن الأحوازي يستشعر هذه الكراهية في كل مناحي الحياة، فهي تسير معه حيث يسير، فالمعاناة تبدأ من لحظة الولادة واختيار الاسم، إذ لا يسمح باختيار الاسم العربي إلا تحت قوانين محددة، إذ ينبغي أن يكون من ضمن اللوائح المحدّدة مسبقاً، وأما في المدرسة، فإن التعلّم باللغة الأم أو تعليمها محظور بكل أشكاله، وكذلك هو شأن التوظيف وتولي المناصب الحكومية، فعدم وجود محافظ عربي واحد في الأحواز طوال العقود العشرة الماضية هو في حد ذاته دليل على شدة التمييز الذي يعانيه الأحوازيون كونهم عرباً». انتهى
حتى في الاحتجاجات الشعبية الإيرانية هناك تمييز، يعني القمع للإيراني الأحوازي أضعاف القمع للإيراني الطهراني على سبيل المثال والسبب أنه عربي.
مجزرة معشور
ففي عام 2019 عمّت الاحتجاجات خمسين مدينة إيرانية، وعُرفت باحتجاجات البنزين بعد أن رفعت إيران سعر البنزين 300%، قُتل في تلك الاحتجاجات 1000 واعتُقل 7000 وجُرح عشرات الآلاف.
وكان نصيب الأسد لمدينة معشور الأحوازية، فقد قُتل في يوم واحد فقط 200 عربي، حيث وصف عبدالسلام عثماني نجاد من أبناء مدينة معشور، وشاهد عيان على المجزرة الذي تحدّث لـ«النهار العربي»، واصفاً لجوء المحتجين إلى قصب الهور القريب من المدينة حيث تمّت محاصرتهم ليلة بأكملها. ومع طلوع الفجر أطلقت رشاشات الحرس الثوري الرصاص باتجاه المحاصرين، واستمرت النيران العشوائية على الهور حتى قضى كل من كان هناك، بعدها اقتحمت القوات المدينة واستمر القمع والقتل». انتهى
إنما كُتب على المساكين ألا يتعلّموا إلا بعد فوات الأوان، وبعد خراب البصرة، تماماً كما تعلم أهل البصرة فعلاً بعد خرابها، بعد أن كانت البصرة منارة للعلم والازدهار والتطور، من لم يزرها يموت حسرة وجامعاتها تخرّج أشهر الأطباء والعلوم إلى نهاية الثمانينات، خُرّبت وتدمّرت وخرّيجو جامعاتها يستجدون توصية من أي من «السادة» كي يجد وظيفة.
نعم مساكين، كثير منهم صدّق النظام الإيراني وإمامه في بداية الألفية، وبعد عشرين عاماً لعنوا تلك اللحظة التي شكروا فيها النظام الإيراني، وها هم، مساكين، يدفعون الثمن كلّ يوم وبعد كل احتجاجات على الفساد الذي يرتكبه من وافق النظام الإيراني على تعيينهم والياً عليهم.
هذا الحال مستمر في البصرة إلى يومنا هذا، حيث أفاد مصدر أمني في البصرة عن اغتيال متظاهر وإطلاق النار على آخر من قِبَل مسلحين يستقلّون مركبة مدنية بالقرب من منطقة الأندلس القريبة من ساحة الاعتصام وسط المدينة.
كما نجا متظاهر من محاولة قتل بالسكاكين في منطقة الجنينة القريبة من ساحة الاعتصام، بعد أن هاجمه ملثمون على دراجة نارية، وهذا هو حال من شكر النظام الإيراني اليوم قبل عشرين عاماً، مهاناً مذلاً، يُداس بالأقدام ويلعن تلك اللحظة التي شكر فيها أبا النظام الإيراني!!
الخلاصة
الحمد لله على نعمة مملكة البحرين، وعلى وجود حاكم كـ«أبو سلمان»، و«ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا».