ورد في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب عبداً لا يحبه إلا لله ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله كما يكره أن يلقى في النار».
هل اشتقت يوماً ما إلى أن تتذوق حلاوة الإيمان الراسخ في قلبك؟ هل أحببت يوماً ما بأن تكون مثل ذلك العابد الصادق الذي ترك كل زخارف الدنيا وأسرع الخطى إلى ربه طمعاً في جنته؟ هل جاء في خاطرك في لحظة خاطفة أن كل الناس الذين تتعامل معهم ويبادلونك باقات الحب الزاهية وحروفها المعسولة إنما تعيش معهم في موقف عابر في دنيا فانية سترحل عنهم يوماً ما ويبقى الأثر وما بعد الأثر برب كريم عظيم الشأن يرحمك برحماته ويدخلك بفضله جناته؟ هل تأملت في لحظة ما في تلك الحشود التي تجتمع معها هنا وهناك بأنها قد تبادلك الحب وتضمك إلى أحضانها في حين أنها قد تحمل في قلبها الشيء الكثير عليك بمجرد أن تنصرف عنها، أو قد لا تحفظ الود الذي بنته السنين معها؟
ربك الرحيم هو معك يحبك إن صدقت العهد معه.. إنه ربي المنان الذي أحبه حباً راسخاً في ذرات نفسي.. محبة تسري في شراييني، وأسمو بها إلى مقامات الخير وترتبط معها أحلامي بجنة خالدة في الفردوس الأعلى أتلذذ فيها برؤية الرحيم الرحمن الذي لم ولن ينساني في دنيا البشر وإن جعلني كل الناس أعيش في دوامة حياتية لا منتهية.. فربي يفتح لي ميدانه الفسيح بكلمة واحدة.. «لا تحزن.. إن الله معنا»..
تحتاج إلى أن تخلو بنفسك في استراحة حياتية بعيدة عن أنظار البشر ومسامعهم وحروفهم المسمومة أحياناً واللاذعة في أحيان أخرى.. تحتاج إلى أن تخلو بربك الرحيم.. تخلو بمن أحببته وبمن فتح لك ميادين الخير، ويسر لك طريق الاستقامة، وحفظك من المنزلقات الحياتية الفاتنة، وبارك لك في حياتك وأوقاتك حتى كنت مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر.. تخلو بمن وفقك في عدة ميادين.. وابتلاك هنا وهناك بفتنة يمتحن فيها إيمانك وصبرك.. إنها الخلوة بمن بيده مقاليد الأمور.. وما أحلاها في خير الشهور.. وما أحلاها في سجدة خاشعة باكية لا ترفع بعدها رأسك إلا وقد سألت المولى كل حاجاتك.. تذكر إن الله يحبك.. فأخلص في طاعته.