يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي عليها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» رواه البخاري. وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله». قالوا: يا رسول الله، وكيف يستعمله؟ قال عليه السلام: «يوفقه لعمل صالح قبل موته». رواه الترمذي. وفي حديث أبي بكرة أن رجلاً قال: يا رسول الله: أي الناس خير؟ قال عليه السلام: «من طال عمره وحسن عمله». قيل: فأي الناس شر؟ قال: «من طال عمره وساء عمله» رواه الترمذي. وقال عليه الصلاة والسلام: «أحب الناس إلى الله أنفعهم..».
عندما يسر المرء بعمله، وتتحقق معه الآمال الكبار، ويسير في دروب الحياة بثقة تامة يصحب معه معية الله تعالى، هو بلا ريب إنسان سعيد مرتاح البال والضمير ضحكت له الحياة، وارتسمت على محياه علامات الرضى والقبول بما أعطاه الله تعالى وأسعده به في مسير الحياة، هو إنسان مطمئن ينظر للأمور وللحياة ومواقفها نظرات الأمل والتفاؤل، يحدق فيها تحديقا جميلاً ديدنه فيها أن كل شيء هو بمشيئة الله تعالى، وأن كل أمر هو بتوفيق الله تعالى، وأن كل تقدير إنما هو خير من الله.
ألم تسأل نفسك لحظة ما، ما سر التوفيق في حياتي؟ وعلى النقيض، ألم تتساءل: ما السر في تلك العراقيل في طريقي، وحرماني من التوفيق في حياتي؟ في كل الأحوال فإن «للتوفيق الرباني» علامات ودلائل، ووسائل مهمة جداً تدخل في إطار تزكية النفس وتطلع الإنسان للخير، فهو لا يتحقق بالأحلام السادرة، بل هو من صنيع الإنسان الذي يجدر به أن يهتم بهذا «الرداء» حتى يتزين به، وتكون خطواته ثابتة نحو تحقيق الأمنيات العظام، وأهمها «الفردوس الأعلى».
يقول المولى عز وجل: «قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين». فأولى خطوات التوفيق تتمثل في «الإخلاص» وصدق النيات في الأعمال، فهي مبادئ هامة في تحسين العلاقة مع الله تعالى، فإن أخلصت في أعمالك وصدقت فيها وفقت لعمل الخير، فالمرء حري به أن تسري في دمه تلك الأحاسيس «الدقيقة» التي توجه حياته كلما حاد عن الطريق الصحيح، فالتوفيق يمنحه المولى تعالى لمن سار على طريق الإيمان واجتنب طريق المحرمات، وسارع إلى التوبة المحضة كلما غاصت نفسه في أوحال الذنوب، فالإيمان والأعمال الصالحة هي في حد ذاتها توفيق من الله تعالى، يعطيها المولى من يحب من عباده، يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن الله يعطي من الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب» رواه أحمد.
احرص على أن تحاسب نفسك على كل «حرمان من التوفيق» فلعلك قصرت في جنب الله تعالى، وسولت لك نفسك بأن تبتعد عن طاعته، إن البعض ليرى أثر عدم التوفيق حتى في دابته وفي زوجته وعياله، يرتجف بعدها خوفاً من ربه، ويسكب الدمع لجرم اقترفه، أو تقصير بدر منه، أو زلة صغيرة ارتكبها بدون أن يعلم، يقول شقيق بن إبراهيم رحمه الله: «أغلق باب التوفيق عن الخلق من 6 أشياء: «اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، ورغبتهم بالعلم وتركهم للعمل، والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة، والاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بأفعالهم، وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها، وإقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها».
أما أولئك الذي حباهم الله تعالى نعمة «رداء التوفيق» فهم وبلا شك في نعمة جميلة جداً لا بد أن يحمدوا الله تعالى عليها في كل حين، فالمولى سبحانه وتعالى إذا أحبك وفقك لكل خير وجعل حياتك كلها سهلة ميسرة، حتى وإن طال التوفيق في بعض الأمور، فلا تستعجل، فهو توفيق أيضاً من ربك، يؤخر الأمر لصلاح لا تعلمه أنت، ثق بأن الله تعالى يحبك، ولكن يريد منك أن تكون معه وتكون خير خليفة له على هذه الأرض، انتفض وسارع للخيرات واجتنب منحدرات الآثام والمعاصي والمنكرات، حينها ستجد كل شيء من حولك سيسخر لك، وترى التوفيق في كل لحظات حياتك، بصلاح زوجك وذريتك وأهل بيتك وحب أصحابك وحب الناس، كل ذلك بصفاء قلبك، ودعواتك المخلصة، و«خيرية نفسك» التي لا تحمل أي سوء تجاه الآخرين.
اللهم وفقنا لكل توفيق يعيننا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.