* يوم جديد من «مسير» الحياة المتسارع.. وصفحة جديدة من صفحات العمر أشرقت علينا.. أوقات جديدة تقبل ثم تسرع بالانقضاء والرحيل بلا عودة.. نمضي لننجز في أيام متشابهة.. ثم نقترب من لحظات الرحيل.. كم هي عجيبة هذه الحياة.. والأعجب أن كل واحد منا ينظر إليها بمرآة مختلفة يصرف من خلالها شؤونه الحياتية.. الأهم أن تنظر للحياة بمرآة الجمال والسعادة والأحاسيس الدافئة.. أن تصحب معك ذكر الرحمن وعمل الخير وحب الآخرين وإدخال السرور في قلوب كل من تقابل، وخدمة من تحب، وخدمة وطنك الحبيب الذي احتضنك منذ الصغر.. لا تذهب بعيداً.. تبصر بحالك وانظر بعيون جميلة لترى حولك كل شيء جميل، حتى تنقله معك هناك في الجنان الخالدة برحمة من الله تعالى ورضوان.
* عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بين يدي الساعة، فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي..» رواه أحمد وأبوداد. إنها فتن كقطع الليل المظلم، وزمان أضحى الواحد منا فيه حيرانا من كثرة ما يحيط به من ظروف وتبدل في الأحوال، وغرابة في الأفعال.. زمان أضحى القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، وأمسى فيه «المصلح التقي الأمين» يحارب في دينه وأمانته وإخلاصه.. زمان لا مكانة فيه لأولئك الذين يريدون الخير لدينهم وأوطانهم وأمتهم.. فهم يوصفون بأوصاف ما أنزل الله بها من سلطان.. بالفعل نعيش في زمان غريب وفتن كثيرة، تنذر بقرب قيام الساعة.. اللهم سلم.
* قال تعالى: «الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون». وقال عز وجل: «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين». وقال صلى الله عليه وسلم: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط» رواه الترمذي. فليحتسب وليصبر كل من يبتلى، فهو تكفير للذنوب وتطهير للنفس، ورفع في المنزلة، وتنبيه من الله تعالى بأن يراجع المسلم نفسه وتقصيره.. وهي سنة الله تعالى في أرضه.
* في زمن الترحال.. هناك من بعيد.. ينادي الشوق.. إلى أثر المسير.. مسير العطاء والإنجاز.. تناديني ذكريات الأمل والسعادة.. لواقع جميل، وللحظات أجمل.. يناديني واقع متمكن يقدر الإنجاز ويحتضن الكفاءات.. يقدر كل كفاءة بعيداً عن المحسوبيات وواقع المعرفة.. لعلي ولو بعد حين.. أكرر الترحال لعالم أجمل.. يثمن كل لحظات الحياة وأوقاتها.. ويقدر كل إنجاز في مساحات العمر.. ثمة قصة لها فصولها تتكرر في كل منعطف من حياتنا.
* تأملت صورة رجل مسن متمسك بثياب زوجته.. قلت: في نهاية المطاف تبقى كل روح مرتبطة بالأخرى.. الجميع سينصرف عنهما في شؤون حياته ليكون أسرته ويكدح في مسيره.. ليبقيا معاً يتذكرا «جمال الذكريات وحنين الأيام».. وتبقى تجاعيد الزمان هي من تحكي أسرار الحياة وتراتيلها.. تبقى تعب الأيام هي من تتحدث عن ظروف قاسية، وحركة دؤوبة في تصاريف الحياة.. من أجل توفير لقمة العيش الهانئة.. تبقى السعادة عندما يحرم المرء منها نفسه ليوفرها لفلذات كبده.. تبقى السعادة عندما يحكي أحدهما قصته، بأنه قد تعب ليخرج من بين أنامله أبناء بررة لهم المكانة العالية في الحياة، أسس فيهم روح الأمل ومحاسن الأخلاق وجمال البر.. ليكونوا يوماً ما خير أبناء يبرونه ويقومون على شؤونه. إنهما مازالا متشبثين ببعضهما لأنهما أيقنا بأن كل واحد منهما عليه أن يسهر لراحة الآخر.. رفقاء الدرب.. تفهما معاً ظروف الحياة ونصبها.. وتحمل كل واحد الآخر.. لا يقوى أن يبتعد عنه ولو للحظة واحدة.. حتى سارا في المسير نحو بلوغ الغايات.. آه ثم آه.. لتجاعيد رسمت «بألم» على وجههما الباسمين.. فمهما قدمنا لهما فلن نقوى على الوفاء بلوحاتهما الرائعة.. إنه الزمن العجيب المتسارع.. يبقى من خلاله القلب يكتب حروفه لتلك القلوب الوفية التي لم تنقطع لحظة واحدة عن الدعاء لمن تحب.. وبعد أن كتبت هذه الكلمات، أجابني قلم الكاتبة أسماء، فقال: «هنيئاً لأصحاب الوفاء وفاؤهم، ونقاء أرواحهم، فتلك الأرواح لا تحمل سوى السعادة للجميع والعطاء بلا حدود.. عون ومواساة وروح أخرى تكون عكازة ومتكئاً على نوائب الدهر.. هي ذاتها التي لا تتخاذل عن تقديم المساعدة، فتسعد لسعادتك، وتخفف عنك ما أهمك.. تجدها أمامك في فرحك، وخلفك لتدفعك للأمام عندما تخبو طاقتك.. لتهنأ تلك الأرواح، وليجمعها الله في أعلى جناته».
* اللهم أسعدنا بكل ما يفرحنا ويقربنا إليك، ولون حياتنا بكل جمال في ملكوتك، واغفر ذنوبنا، ووسع لنا في دارنا، وبارك لنا في أرزاقنا.. اللهم آمين.