في كثير من الأحيان تقاس قوة الاقتصاد في الدول على نموها وتطورها من خلال قدرتها على تنشيط القطاعات الاقتصادية ومن هذا المنطلق فإننا نسعى لمواكبة التطورات القانونية لبعض القوانين التجارية و بصفة خاصة العقارية وتشير الدلائل إلى أن النشاط الذي يسجله القطاع العقاري يحمل الكثير من التأثيرات الإيجابية من كافة القطاعات الاقتصادية والمالية والإنتاجية للدول وليس من المبالغة بشيء من القول بأن القطاع العقاري هو أحد أهم المحركات الرئيسية لاقتصاديات الدول ويتم التركيز عليه عند التحفيز الاقتصادي.
ولعل تجربة انتعاش السوق العقاري في مملكة البحرين خير دليل على أهمية هذا القطاع، ولاشك أن هذا الانتعاش في التداولات العقارية تواكبها تطورات في القوانين العقارية المتعلقة بالنمو والتطوير وكسب ثقة المستثمرين في السوق العقاري. ومن هنا لابد من السعي في إصدار قوانين جديدة تناسب النشاط العقاري وبالأخص قانون الإيجارات الذي يعتبر من أهم روافد التطوير في مجال الاستثمارات العقارية. ولاشك بأن الهدف من هذا القانون هو سد الثغرات في القانون القديم الصادر منذ أكثر من نصف قرن تقريباً ولأجل إنعاش السوق العقار لابد من إصدار قانون جديد متطور تكون قراراته منجزة وقاطعة في إنهاء النزاعات العقارية والإيجارية في أوقات لا تتجاوز الثلاثة أشهر وقد عملت جمعية البحرين العقارية من خلال أعضاء مجلس إدارتها برئاسة السيد ناصر علي الأهلي رئيس مجلس الإدارة على ضرورة تغيير القانون القديم و إصدار قانون جديد وبصفتنا الرئيس الفخري للجمعية يهمنا بالدرجة الأولى تطوير و تغيير كلي للقانون القديم و بسرعة إصدار قانون جديد متطور يواكب العهد الإصلاحي لسيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ويكون هذا القانون على درجة عالية من القرارات والأنظمة التي تفصل في قضايا الإيجارات وتحمي حقوق كافة الأطراف (المؤجر و المستأجر). ولو عقدنا مقارنة مختصرة بين قانون الإيجارات المعمول به في إمارة دبي وبين القوانين المعمول بها في مملكة البحرين لنضع بين أيدينا أهم معوقات القانون في مملكة البحرين.
أولاً: المرسوم رقم (26) لسنة 2013 بشأن فض المنازعات الإيجارية في إمارة دبي ويهدف هذا المرسوم إلى إيجاد منظومة قضائية متخصصة للنظر في المنازعات الإيجارية وتطوير إجراءات البت في هذا النوع من المنازعات من خلال آليه سريعة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لكافة المعنيين بقطاع تأجير العقارات والقطاعات المرتبطة به وبموجب هذا القانون أنشئ مركز فض المنازعات الإيجارية في إمارة دبي ويختص بالنظر في الفصل في جميع المنازعات الإيجارية التي تنشأ بين مؤجري ومستأجري العقارات الواقعة في إمارة دبي أو في المناطق الحرة.
ثانياً: المادة (10) من هذا القانون نصت على إنشاء أداة للتوفيق والصلح يختص بإجراء التسوية الودية للمنازعات الإيجارية به وذلك بدعوة أطراف الخصومة ومحاولة تقريب وجهات النظر وصولاً إلى حل ودي، وتعمل إدارة التوفيق والصلح على حل المنازعة في مدة أقصاها خمسة عشر يوماً على الأكثر من حضور الأطراف ويجوز مد هذه المدة إلى خمسة عشر يوماً أخرى بإذن من القاضي المشرف على الإدارة وإذا تم الصلح يفرغ له في مستند رسمي يكون في قوة السند التنفيذي، وإذا لم يتوصل أطراف الخصومة إلى حل ودي تحال إلى المحكمة الابتدائية التابعة لهيئة فض المنازعات والتي ألزمت المادة (16) من قانون المركز بضرورة الفصل في الدعوى خلال 30 يوماً من تاريخ أحالة الملف إليها، ويجوز لخاسر الدعوى اللجوء أيضاً إلى المحكمة الاستئنافية خلال 15 يوماً بشرط أن يقوم المستأنف بإيداع نصف المبلغ المحكوم عليه لدى المركز لحين الفصل في الاستئناف ويجوز لرئيس المركز أن يقرر قبول الاستئناف بدون إيداع المبلغ أو تخفيضه.
ثالثاً: نصت المادة (21) من ذات القانون على أن تقوم دوائر التنفيذ لدى المركز بتنفيذ الأحكام النهائية مع الاستعانة بمراكز الشرطة وبموجب هذا القانون فإن المنازعات الإيجارية لا يستغرق الفصل فيها سوى شهرين فقط ويصبح الحكم نهائي وقابل للتنفيذ، هذه الإجراءات القانونية السريعة والمتلاحقة تعطي الثقة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين في إنهاء الخلافات في وقت قصير دون تعطيل أو إطاله. أما في مملكة البحرين فتقتصر قوانين الإيجار على بعض المراسيم القديمة منها المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1971 الخاص بالامتداد القانوني لعقد الإيجار واقتصارها على إيجار العقارات في المنامة والمحرق طبقاً للإعلانين رقمي 42 لسنة 1365هـ و12 لسنة 1373هـ وهذه القوانين قد مضى عليها ما يزيد على خمسين عاماً ولم تعدل ويتم التعامل في المحاكم بشأن المنازعات الإيجارية بموجب المرسوم بقانون رقم (19) لسنة 2001 بإصدار القانون المدني. وبالتالي تظل المنازعة الإيجارية أمام المحاكم سنوات عديدة وحتى إذا نظرت أمام محاكم الأمور المستعجلة بموجب الشرط الفاسخ الصريح المدون في عقد الإيجار أيضاً تنظر في محاكم أول درجة والاستئناف والتمييز ما يزيد عن عام كامل ويأتي وقت تنفيذ الحكم ومحاكم التنفيذ مثقلة بخضم الأحكام وتنفيذها، وإذا تم التنفيذ فإنه يستغرق مدة لا تقل عن ستة شهور أو أكثر.