يقول الدكتور خالد المنيف: «شاب يافع فتلت عضلاته وقوى جسمه وكبرت آماله، تحدث مع نفسه متمنياً: سأشرع في التغيير بعد الخامسة والثلاثين! وهناك في الضفة الثانية كان الشيخ الكبير يبكي بدموع حارة وزفرات محرقة يقول بعدما هدته الأيام واحدودب ظهره وتهدل حاجباه ولانت عظامه: يا ليتني بادرت بالتغيير وأنا صغير! لا تقلق أيها العزيز وقرّ عينا واطرد جيوش الحزن عنك فلست مضطراً أن تدفع ريالاً واحداً لكل هذا! الفرصة ما زالت أمامك! الطريق ميسر والأبواب مشرعة وظروفك ميسرة، بادر وانطلق تحيط بك بركات الله وتوفيقه، ثابر واصبر فسوف توفى أجرك بغير حساب. النعيم لا يدرك بالنعيم، واللذة لا تنال إلا بشيء من الألم، والسرور يقينا قد تسبقه دمعة! إن تأجيلك موعد التنفيذ وتأخيرك لحظات الفرح واستبعادك لوقت النصر إنما هو مخاطرة وخيمة وخسائر واضحة جلية. أنت شخص رائع تستحق أن تحيا حياة جميلة تعبق بالأنس، تبتسم للسعادة، تتراقص حولها أطياف الود، خلقك الله لتنجح وتعطي وتقدم، وقد ولدت للفوز، الفرص تحيط بك والإمكانيات أعظم ما تكون في هذا العصر: «يا ليت شعري لو أن ابن عقيل عاش في عصرنا ولو أن ابن القيم استفاد من خوارق التقنية ماذا تراهم سيفعلون؟ هي الهمة لا غيرها».
تسرع خطى الأقدام على عتبات المسير نحو القادم الأجمل، ويستشعر معها المرء أنه أضحى في دوامة لا تنتهي من مشاغل العصر ومفاجآت الأيام وحوادث الدهر، أضحى المرء يتلفت يمنة ويسرة بحثاً عن لقمة تسد جوعته، ومأوى يحتضن همه، وكيان يقدر إنجازاته ونجاحاته، كلما أسرعت الخطى نحو أهدافك كلما أيقنت بأن هناك العديد من الفرص القائمة في مسيرك تنتظر منك أن تبادر لاختطافها سريعاً قبل أن تمضي بدون رجعة، بالفعل أنها فرص النجاح التي لا تتكرر في مسير حياتك، لعلك تتعثر لحظات ولحظات، وتبقى ولفترات طويلة دون أن تتراءى أمامك الفرص الذهبية، ولكن في فترة ما تعود إلى لبس «ثوب النجاح والتميز» الذي لبسته لفترات طويلة في حياتك، ولكن شاءت الظروف ان تعلقه مؤقتا على شماعة «نجاحك» التي لا تقبل أبداً أن تظل أسير أفكار العجز والكسل والتي تتجرعها من الهواجس الشيطانية المريبة، لذا فالنبي صلى الله عليه وسلم قد حرص في دعائه بأن يستعيذ من العجز والكسل صباحاً ومساءً.
تعلمت من «دوامة الحياة» أن أحرص على تنفيذ أي عمل بين يدي، أنجزه بسرعة وأقدمه للآخرين في أبهى حلة، بشكل عملي يبتعد عن النظريات الورقية التي تتحول في أحيان كثيرة من ركن إلى آخر في شؤون الحياة، ولكن إن حصل وأبقيت نفسك «أسير الظروف الحياتية» فإنك ستظل تلوم نفسك على تقصير لا يغتفر مرت أيامه بلا إنجاز أو تقدم أو نجاح في مسير الحياة، لذا فليكن ذلك التعثر «استراحة مراجعة» في مسير النجاح، فالمرء لا تتساوى لحظاته وأحواله، وهذا ما يجعلك أكثر إصراراً على خوض تجارب الحياة المليئة بالخبرات.
في مرحلة متجددة من حياتك تمر بك فرصة نجاح جديدة فاحرص على خوضها مجدداً حتى تجدد نشاطك وعزمك وإصرارك في حياة البشر، لأنك تدرك حينها بأنك فائز.
في مرحلة ما تعود تلك الطيور المهاجرة التي ابتعدت عن كيان نجاحك لفترات من الزمن، لتتنسم معك عبير الود والمحبة والنجاح من جديد، لذا فاحرص أن تحتضنها حتى تستشعر بأنك فائز.
في سوانح خاطفة من حياتك يخيل إليك تلك الذكريات وتلك الآلام التي مرت بك، فينبهك المولى القدير بأن أقدامك قد غابت عن بلوغ عتباتها طويلاً، فتصحو من غفلتك ومن رقادك الذي طال وتفزع لترتقي مجدداً في سلم المجد والنجاح مع خالقك الذي وفقك ومنحك كل فرصة جديدة في حياتك، لذا فأنت بلا شك فائز.
وإن ابتعدت لسنوات قد خلت عن «مكامن الانتصار النفسي» في تلك «الابتسامات الرائعة» التي كنت تتبادلها في عوالم الخير، فإن المولى العظيم لم يخيب آمالك، فإخلاصك ونيتك الرائعة قد أعادتك مجدداً إلى ذلك الميدان الرحب الذي أحببته طوال حياتك لتعود ابتسامتك مجدداً في محفل أكثر جمالاً تتواصل فيه بصماتك المؤثرة.
وإن تغافل عن إنجازاتك أولئك الذين يبادلونك همسات المحبة، فلا تتضير، لأنك بلا شك فائز، فهم اليوم يعودون ليقدروا كل إنجاز وهمة بذلتها في مسيرهم.
لا يغب عن ناظريك بأنك «شخص رائع وفائز» في كل لحظة من حياتك، لذا فلا تسرح في أحلام الغفلة، ولا تتكاسل عن تأدية دورك في الحياة، فكل الكون ينتظر منك في كل ثانية بصمة نجاح، فالعمر يتصرم وآجالنا تقترب من النهاية، فأحسن المسير وابذل المزيد وقدم الخير، واترك كل ما يعكر عليك صفو الحياة.
الحياة جميلة، فليحسن كل امرئ صناعة نجاحه المستمر بهمته وباستغلاله كل الإمكانيات المتاحة حوله.