شكلت القبائل جزءاً مهماً من هوية البحرين العربية على مدى القرون الماضية، حيث أكدت الوثائق التاريخية أن البحرين كانت عربية منذ فجر التاريخ، ورغم المحاولات المستمرة لطمس هذه الهوية إلا أن أبناء البحرين حرصوا على إبقائها حاضرة في كل مراحل تاريخهم من خلال رفضهم المطلق لتغيير الهوية أو طمسها.
فعبق التاريخ مازال يرف برائحته الزكية التي لا يمكن نسيانها أو تجاهلها، إنها رائحة الأجداد، قبائل عربية بتاريخها المسطر بالأمجاد، حيث غيرت وجه التاريخ وستبقى مستمرة وباقية إلى الأبد من أجل المحافظة على هذه الهوية العربية الأصيلة.
قبل أيام أقامت جمعية تاريخ وآثار البحرين محاضرة مهمة تناولت فترة مهمة إبان حكم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة عن دور قبيلة الدواسر في البحرين، قدم فيها الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة والشيخ عيسى بن علي الدوسري طرحاً وافياً بالوثائق التاريخية عن تلك المرحلة، حيث لعبت قبيلة الدواسر دوراً مهماً وكبيراً في تاريخ منطقة الخليج العربي والعالم العربي.
وفي مداخلته قدم الشيخ عيسى بن علي الدوسري عرضاً تاريخياً عن دور الدواسر في البحرين، موضحاً الدور المهم الذي لعبوه إبان الفتح الخليفي للبحرين عام 1783، ومساهمتهم في بناء وتشييد البحرين يداً بيد مع جميع أبناء البحرين.
هذا الوضع لم يرق للمستعمر البريطاني، فسعى بكل قواه إلى تشتيت جمع القبائل العربية وإثارة الفتن والقلاقل بينها، فكانت قبيلة الدواسر هدفاً لهذه القوى الاستعمارية، فعملت على تشتيتها وتهجير أبنائها.
يذكر التاريخ أن الدواسر من القبائل العربية النجدية، استقرت في جزيرة الزخنونية بمحاذاة ساحل الأحساء، وقد تحالف الدواسر مع آل خليفة وشاركوا مع القبائل الأخرى في فتح البحرين 29 يوليو 1783. إثر ذلك انتقلوا من جزيرة الزخنونية إلى البحرين واستقروا بالبديع، وكان عددهم 8 آلاف نسمة. برعوا بالزراعة وفنون البحر من غوص ونواخذة وتجار، أما في الزلاق فكان عددهم ألف منزل. وقد أكرمهم الشيخ علي بن خليفة آل خليفة بهبات أراض وأعفاهم عن الضرائب.
وقد سجل التاريخ مواقف بطولية ووطنية لأبناء قبيلة الدواسر، ففي 30 أبريل 1911 شارك الدواسر مع الشيخ عيسى بن علي بطرد الحامية التركية، وكان لهم مشاركة كبيرة مع الحركة الوطنية ضد المستعمر البريطاني في يناير 1920، وكتبوا سجلاً حافلاً بالإنجازات الوطنية، فأصبحوا أكثر عدداً وأكبر نفوذاً، وهو ما لم يرق للمستعمر البريطاني آنذاك.
وفي عام 1923 قام الإنجليز بقيادة الميجر ديلي بالضغط على أبناء قبيلة الدواسر بفرض ضرائب مالية كبيرة عليهم، عدا عن الغرامات العالية التي وصلت إلى 15 ألف روبية، فبدأت الهجرة القسرية لأبناء القبيلة باتجاه الأراضي السعودية بعد تعهد الملك عبدالعزيز آل سعود بدعمهم مالياً وتزويدهم بالسلاح بعد أن صادر المعتمد البريطاني كل أملاكهم، لكن هذا الوضع لم يدم طويلاً، حيث قام الدواسر بالعودة إلى البحرين ابتداء من عام 1925.
وبذلك انضم أبناء قبيلة الدواسر إلى إخوانهم أبناء البحرين مرة أخرى ليكونوا جزءاً مهماً في تاريخ البحرين، حيث ساهموا في كثير من المواقع، بجانب إخوانهم أبناء القبائل العربية، في بناء البحرين الحديثة، والتي وصلت إلى أعلى المراكز العالمية المتقدمة، وأصبحت مملكة حديثة يشار لها بالبنان.
أدام الله وحدتنا في وطننا الغالي البحرين، تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وحفظ لنا وطننا من كل سوء، وأبعد عنا الفتن جميعها ما ظهر منها وما بطن.