انتظروا وسترون كم سيتسرب من بريد هيلاري كلينتون من الفضائح التي صاحبت الدمار العربي الذي سموه «الربيع العربي». وما رسالة أمس التي نشرتها والخاصة بتدخلهم في مسار لجنة تحقيق تقصي الحقائق «لجنة بسيوني» إلا قطرة في بحر الفضائح القادمة ولن تكون خاصة بالبحرين فقط!!
التدخل في سير التحقيق الذي قرأتموه أمس كان بعيداً عن أي قيمة أو مبدأ أخلاقي تدعي تلك الإدارة أنها تدافع عنه أو تحميه، كان استهانة بمصير شعب كالشعب البحريني، كان نظرة فوقية متعالية ومتغطرسة ترى هذا الشعب وكأنه قطيع لا يعرف كيف يحدد مصيره ولا كيف يفكر ويقرر ولا بد من توجيهه وتقرير ما يصلح له نيابة عنه، تلك الرسالة فضحت ما كان يجري وراء الكواليس وكيف كان للخارجية الأمريكية دور كبير في توجيه الأحداث في البحرين، قبل اللجنة وأثناء اللجنة، بل وبعد اللجنة.
تلك الرسالة توضح الأسباب التي تقف وراء تصريحات الخارجية الأمريكية الخاصة بالمجموعة الخائنة التي تآمرت معهم على وطننا، ولهذا مازالت الخارجية الأمريكية حتى اليوم تدافع عنهم بعد أن حاولت تبرئتهم من الفظائع التي ارتكبوها في 2011 في حق هذا الوطن بتدخلها في سير اللجنة، لهذا تعنى الخارجية الأمريكية بكل من كان له ضلع في الأحداث وتضفي عليه الحماية، وتحاول تبرئته، فهم جنودها في الخطة، «فتأمرنا» بعدم محاكمتهم وعدم تطبيق القانون عليهم وتريد أن تفرضهم علينا فرضاً، دون اعتبار أو احترام لسيادتنا، ولهذا استقووا هم وقت الأحداث ولهذا اندفعوا ولم يفكروا قط بشركائهم في الوطن، لهذا كذبوا وزوروا وأنكروا الحقائق، لأنهم ظنوا أن ظهرهم مسنود بالقوى العظمى التي وعدت فأوفت بالتغطية على جرائمهم.
تذكروا وأنتم تجمعون خيوط المؤامرة لتكملوا زوايا وخفايا ما حدث ألا تخرجوا خارج سياق الأحداث الإقليمية، تذكروا أن أحداث تونس ومصر كانت قد سبقت أحداث البحرين بأشهر عدة سقط فيها النظامان المصري والتونسي من خلال استجابتهما لذات الضغوط التي مورست على البحرين، استجابة نفذت كل ما قيل لها دون أن تترك مجالاً للمناورة، وهي ذات الطريقة التي مارسوها على شاه إيران، حين قالوا له اخرج من إيران «لفترة» حتى تهدأ الأمور ثم ستعود لها!!
فكان أمام البحرين إما طاعتها طاعة عمياء وسيكون المصير كما كان مصير مصر وتونس ومن قبلهما إيران، أو المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية فيكون المصير كليبيا والعراق، أو مناورتهم والمجازفة بذلك القرار.
فهم من كان خصمنا حينها لا تلك المجموعة، والمناورة كانت خياراً بالمسايرة للضغوط حتى تمر العاصفة ونعرف كيف نتصرف، هكذا يجب أن نضع الحسبة في مكانها الصحيح لنعرف أن البحرين كانت في قلب العاصفة، حين ذاك، ولنعرف أين أصبحت اليوم بفضل من الله، لقد كانت البحرين في مواجهة مع أمريكا المتحالفة مع إيران، فهما معاً كانا المحرك الذي يقف وراء مجموعة الخونة التي قبلت أن تلعب ذلك الدور الخسيس، فما كانت سوى قفاز لذلك التحالف، لذا فإن نجاتنا من هذا التحدي الكبير احتاجت بالفعل إلى حنكة وطول بال وصبر وتأنٍّ يصبر على ضغط الداخل ويناور ضغط الخارج إلى أن تمر العاصفة.
نتمنى أن نكون قد عرفنا قوتنا وعرفنا مكامن تلك القوة، فهي متمثلة بتمسكنا بسيادتنا بأرضنا بوحدتنا بدافعنا المستميت عن دستورنا بتكاتفنا والتفافنا مع نظامنا وبتطبيقنا القانون وإنفاذه.
نتمنى أن تزول أي شائبة باقية عند أي طرف أو إنسان في أي موقع كان، كانت تظن في تلك الإدارة الأمريكية خيراً أو تظن أنها بنصائحها وبتوصياتها وبضغوطها كانت تريد خيراً لنا أو أنها تعرف صالحنا أكثر منا.
نتمنى أن نعرف ونتعظ ونتعلم ونتأكد أن لها يداً في تقسيمنا كشعوب، وتقسيم العوائل والأسر الحاكمة كمتشددين وكمعتدلين كي تستميل بعضنا ضد بعضنا، وتقنع الواهم منا أنها تريد أن تعلي شأنه وتريد أن تمكنه على غيره، هكذا فعلت مع سياسة تمكين الأقليات في كل الدول التي تدخلت فيها، والنتيجة أن حشرت الأقليات في زوايا في مواجهة الأغلبية، والشاطر من يتعلم ويعي لمستقبله.
وفي كل يوم ندعو الله أن يحفظ البحرين وأهلها من كل سوء.