لقد كان صدى توجيهات جلالة الملك حفظه الله بتشكيل لجنة مشتركة للتباحث في قانون التقاعد مؤثراً جداً، وقد هزّ مشاعر كل مواطن على هذه الأرض الطيبة صغيراً كان أم كبيراً، وزادنا شعوراً بالفخر والاعتزاز بقائد مسيرة البحرين الحديثة، فليس مجاملة أو من أجل مصلحة أقول كلمة حق يجب أن تقال، كلمة تليق بشخصه وبتواضعه ووطنيته وحنكته السياسية المعهودة دوماً، وليس بمجاملة أن أقول عنه ما هو أصلاً فيه ويتحلى به من الواقعية والذكاء السياسي، حيث إنه منذ تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سدة الحكم في البحرين تجده دائماً متميزاً عن غيره من القادة، فقد هزّ مشاعر كل مواطن على هذه الأرض الطيبة صغيراً كان أم كبيراً وزادنا شعوراً بالفخر والاعتزاز بقائد مسيرة البحرين الحديثة، فالواضح أن جلالة الملك ومنذ اليوم الأول لتوليه سدة الحكم جاء ليخرجنا من حيّز الدراسات والنظريات إلى حيّز التنفيذ، ووضعنا على الخط السليم منذ إطلاقه الميثاق الذي كان الفاتحة لبرنامج العمل الوطني وخطة التطوير الشاملة للبلاد، وقد أوفى ما وعد به من تطوير وتنمية شاملة، وقد اعتمد نهج جلالته بالدرجة الأولى على الثقة الكبيرة بالمواطن البحريني وعلى الرغبة الملكية العليا في أن يتحمل المواطن البحريني بنفسه مسؤولياته تجاه وطنه حاضراً ومستقبلاً، فالمتأمل في خطوات حمد بن عيسى منذ توليه أمانة القيادة لهذا الوطن الغالي يرى منذ البداية إصرار جلالته على التأهيل للمستقبل، وقد جسّد إيمانه هذا في كل مناسبة وخطاب عبّر فيها عن رؤيته للأجيال القادمة التي تحمل المسؤولية الوطنية كما يحملها جلالته حفظه الله، فرؤيته للمستقبل تميّزت في نظرة خاصة منظومها أهمية التخطيط مع التركيز على ما حققه الحاضر، فجاءت ثمرة هذه الاستراتيجية الهادفة في قراءات عديدة للبحرين مما يثبت صحة مسيرة استراتيجية الدولة الرشيدة في التنمية الاقتصادية، ورفع مستوى الدخل، والعمل على زيادة مستمرة فيه، وإلى تنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، وتطوير البنية الأساسية، وخلق البيئة المناسبة لاستمرار النمو، وتحسين مستوى المعيشة، وزيادة الرفاهية للمواطنين، مع تحسين وتوسعة الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والإسكان، وتشجيع الادخار والاستثمار مما سيحقق التكامل والتوازن بين القطاعات الاقتصادية المختلفة ويتحقق النمو المتوازن في مختلف الأنشطة ويتم النهوض بكل نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فنحن نشهد الآن مرحلة جديدة في مسيرة النمو والبناء وبعد نضج جيد للتجربة الماضية، فأي مجهود لا بد أن يقوم على أطر وأهداف وسياسات واضحة، وعرفنا أن من حق التجارب أن تأخذ مسارها الطبيعي قبل إصدار أي حكم لصالحها أو ضدها، ومجتمعنا البحريني وصل لمرحلة ناضجة يستطيع من خلالها ضبط السلطة من خلال الممارسة الدستورية ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني لكي يكون المشروع الإصلاحي لجلالته مختلفاً عن التجارب العربية السابقة، فالحنكة السياسية لجلالة الملك أبعدت الوضع البحريني عن العنف الذي يجتاح بلدان «الربيع العربي»، ولكي تستمر الحنكة السياسية البحرينية يؤكد جلالته أن على جميع الأطراف الاستمرار في تطوير الممارسة باتجاه إشراك أكبر عدد ممكن من المجتمع البحريني وباتجاه احترام المواطن البحريني، فالواضح جداً أن صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قائد فذّ يمتلك عمق التفكير والمناقشة والمحاورة والدراية الكاملة بكل ما يهم البحرين وشعبه من قضايا ومشكلات، فهو جيل من نضج الرجولة يؤمن بأن التقدم لا يمكن أن يتحقق عشوائياً بل هو نتيجة جهود وأعمال مضنية يبذلها المواطن والمجتمع، فالأعمال «الجلال» التي تفضل بها جلالته لشعبه قد حققت جاذبية وسلامة بيئة متاحة بدون قيود وأكثر إغراء، وإن وجود سياسات تستهدف استقرار النمو على المستوى الكلي يعزز من مقدرة البحرين التنافسية ويسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية، فالبحرين بعهد جلالته أثبتت أنها تسير على عقد جديد من الانفتاح يفقدها المزايا التقليدية القديمة ويحل مكانها المزايا القائمة على جاذبية وسلامة البيئة المتاحة للاستثمار والمشروع الإصلاحي، وما انبثق عنه من رؤية 2030 الشاملة لمستقبل البحرين أوجد سياسات استقرار اقتصادية تجعل البحرين بفضل سياسات جلالته وتوجيهاته تواصل مسيرتها بخطى ثابتة في قرية اقتصادية أساسها الاقتصاد الحر.

فحقاً حمد بن عيسى قائد حقيقي يعرف كيف يقود ويضع النقاط على الحروف لتكون رسالته واضحة تصل إلى مكانها الصحيح من أجل طريق عمل سالكة واضحة تندفع فيها الطاقات الفكرية والعلمية والعملية لصالح هذا الوطن الغالي يراهنون عليه ويراهن عليهم، فجلالته يملك صفات السياسي المحنك ذي العقلية المتفتحة والدبلوماسية الهادئة وصاحب الكلام القليل البسيط المعبر، مكنته من عقد التحالفات السياسية المعقدة وفي ظروف دولية صعبة من خلال معرفته لطروحات الطرف الآخر ووجهات نظره واتخاذ المواقف الإيجابية تجاه حل المشاكل بدلاً من تفاديها، حيث خبرته السياسية والدبلوماسية قد مكنته من أن يصنع التاريخ، فحقاً عندما تجتمع «الإدارة» و»السياسة» بمفهومها الشامل في رجل واحد، فإنها تمثل حمد بن عيسى الملك الذي أبهر ساسة العالم والمفكرين والأدباء ورجال الصحافة والإعلام بحنكته الإدارية والسياسية وعشقه للبحرين وتاريخها الخليفي العريق.

* محلل في الشؤون الاقتصادية والعلوم السياسية