ذكر الرئيس المنتخب جو بايدن -خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقِد مؤخراً للإعلان عن بعض المرشحين للمناصب الوزارية- حول عدم انتهاج نفس السياسات الخارجية التي كان ينتهجها أوباما «الديمقراطي» أمرٌ يصعب تصديقه.

فأحداث ما يسمى بـ«الخريف العربي» مكنت إدارة أوباما -والتي كان بايدن من أبرز أركانها- من تحقيق بعض المكاسب، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في الخليج -وعلى الأخص البحرين- ومصر. وأذكر أنه خلال مشاركتي ضمن وفد مملكة البحرين في أعمال مجلس حقوق الإنسان بجنيف في شهر سبتمبر 2012، جاء مايكل بوسنر مساعد وزير الخارجية للشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمال آنذاك إلى جنيف خصيصاً لإلقاء خطابٍ ضد البحرين. ولابد من الإشارة هنا إلى أن معظم قياديي وزارة الخارجية الأمريكية ورؤساء البعثات الدبلوماسية الأمريكية يتم تعيينهم بناءً على انتماءاتهم الحزبية.

وبالرغم من كون بايدن سياسياً له باعٌ طويل في مجال العلاقات الدولية من خلال عضويته في مجلس الشيوخ لأكثر من ثلاثين سنة وترؤسه للجنة العلاقات الدولية بالمجلس عدة مرات ومن ثم توليه منصب نائب الرئيس في عام 2009، إلا أنه معروفٌ بزلات لسانه التي أوقعته في مشاكل كادت أن تتحول إلى أزمات. فعلى سبيل المثال، أدلى بايدن بتصريحٍ في عام 2014 اتهم فيه الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بدعم جماعات إرهابية، وقد اتصل بايدن لاحقاً بكلٍ من سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي والأمير سعود الفيصل -رحمه الله- وزير الخارجية السعودي آنذاك ليعتذر لهما عما صدر منه من تصريحات غير لائقة تجاه البلدين.

ويتوقع المراقبون للشأن الأمريكي أن يتولى جو بايدن الرئاسة لمدة أربع سنوات فقط نظراً لكبر سنه تمهيداً لتولي نائبته كامالا هاريس منصب الرئاسة. وبمعنى آخر، فإن الديمقراطيين يطمحون في تولي الحكم لمدة 12 سنة متتالية على الأقل. فإذا تمكنوا من الفوز في انتخابات 2024 و2028، فإنه سيكون المرة الأولى التي يتمكن فيها أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة من تولي السلطة لأكثر من 8 سنوات منذ عهد الرئيسين الجمهوريين رونالد ريغن وجورج بوش الأب (1981-1993). وللحديث بقية.