في الأزمات والمعضلات الكبرى يستطيع المرء أن يمحص جيداً قيمة النعم، دقّها وجلّها، وعندما شهدت مملكة البحرين موجة من ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات بفيروس «كوفيد 19» ومتحوراته، كنا جميعاً هنا نحظى برعاية طبية حثيثة يقوم عليها آلاف الإخوة والأخوات من أفراد الفريقين الطبي والتمريضي، مستمدين في ذلك العزم والدعم والتوجيهات من لدن أعلى مستويات القيادة الرشيدة في البلاد ممثلةً في حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء. وقدر الله أن أشهد ذلك بأم عيني عندما أصبت وعدد من أفراد عائلتي بالفيروس واستدعى الأمر أن نحتاج للرعاية الطبية المباشرة، وبعضنا بقي في المستشفى أياماً بناءً على توصية الفريق الطبي، وجميعنا يتفق على أن الرعاية الطبية كانت على أعلى المستويات والمتابعة الحثيثة كانت أدعى لاطمئناننا بأننا بين أيدٍ أمينة.

مرت الأزمة بسلام ولله الحمد والمنة، ولكنها شهادة حق أرى أن علي قولها في حق الفريق الوطني سواء العاملين بمركز المعارض أو بالمركز الشامل في عالي أو في مركز كانو بمدينة حمد، وإن كنت أظن أن المراكز الأخرى لا تقل عنها مستوى كون الإدارة المركزية التي تديرها جميعاً واحدة. هذه الأزمة التي مررت بها جعلتني أستشعر قيمة النعم التي أرفل بها على نحو أكبر، وأهمها قيمة الوطن التي لطالما قدرتها عالياً، ولكن عززها هذا الوقت العصيب الذي نمر به اليوم؛ فأن يكون لك وطن يشعرك بقيمتك كإنسان ويبدي الاستعداد لدفع كل ما هو غالٍ ونفيس من أجلك ومن أجل صحتك وسلامة أحبائك هو فعلاً نعمة لا تقدر بثمن.

ونعمة القيادة السياسية التي تتمتع ببعد النظر وباستشعار قيمة الإنسان، سواء كان مواطناً أو مقيماً، ومنحه الأولوية على كل ما سواه من اعتبارات أو التزامات حتى في ظل أحلك الظروف وأشدها قتامة هو فعلاً نعمة لا تقدر بثمن.

ونعمة الأمن الصحي والأمن الغذائي والأمن المجتمعي والسلامة النفسية في ظل أزمة عظمى يعيشها العالم كله، بدليل تخطي جرعات التطعيم في البحرين حاجز المليون جرعة لقاح للمواطنين والمقيمين، وعدد الفحوصات التي تم إجراؤها للكشف عن فيروس كورونا ما يفوق 4 ملايين فحص. ذلك والله نعمة لا تقدر بثمن.

وعندما يأمر جلالة الملك المفدى بأن تمتد الرعاية الطبية ليشمل التطعيم جميع أبناء مملكة البحرين حتى المقيمين منهم خارج البلاد، وأن يكون مليكنا حريصاً كل الحرص على سلامة كل ابن من أبناء هذه المملكة هو فعلاً نعمة لا تقدر بثمن.

لا جدال في أن الوجع كبير والفقد طالنا كما طال كثيراً من الأحبة في الوطن وتشظى من ويلاته كثير من أقربائنا وأحبتنا، فقد خطف هذا الفيروس أحبة لنا ويقاسي تحت وطأته نفر آخر من الأحبة. ولا جدال أيضاً في أن الأزمة كبيرة والجهود المبذولة لمواجهتها جبارة، لذلك فإن الأخطاء واردة بلا شك فمن لا يعمل لا يخطئ.

* سانحة:

توجد أخطاء، ويوجد قصور لا ننكره؛ لأن الأزمة كبيرة وتبعاتها جلل.

ولكن الجهود التي تبذلها مملكة البحرين عظيمة وهي موضع إشادة وثناء المجتمع الدولي، فحق لنا أن نفخر وأن نشكر المولى على نعمة البحرين ومليكها وولي عهدها رئيس وزرائها وكافة أعضاء الفريق الوطني والمتطوعين لمكافحة الجائحة.