خلال أقل من شهر شهدت البحرين حادثتي اختفاء لأطفال، الأولى كانت للطفل عبدالله في ديسمبر الماضي، والذي أعاده الله سالماً غانماً لأهله، بجهود رجال الأمن وهبة أهل البحرين الذي فزعوا من كل منطقة للمساهمة في البحث عنه. أما الحادثة الثانية فهي للطفلة شهد، والتي نسأل الله تعالى أن يعيدها إلى أهلها سالمة وأن يطمئن قلب أمها وكل محبيها عنها.

لست هنا بصدد الحديث عن تفاصيل أو معلومات متعلقة باختفاء الأطفال، فلست متحدثة باسم أجهزة الأمن، ولكن سأتحدث عن الدور الذي لعبته، ولاتزال، مواقع التواصل الاجتماعي في هذه النوعية من الحوادث، وما يمكن أن تساهم به في تعزيز التقارب والتلاحم بين أبناء المجتمع.

في الحادثة الأولى، وكعادتهم هب أبناء البحرين من مختلف المناطق للمساهمة في البحث عن الطفل عبدالله، وانشغلت مواقع التواصل طيلة الساعات التي اختفى بها الطفل في الدعاء له بالعودة سالماً إلى أهله، وإبداء التعاطف والمساندة لذويه، وهي أخلاق أهل البحرين التي تربوا عليها، ودائماً ما تظهر في الشدائد.

أما في حادثة الطفلة شهد، ورغم ما تابعناه من تعاطف مع الطفلة وأمها، إلا أن بعض المواقع والنشطاء قفزوا للجلوس على مقاعد المحققين والمحللين والخبراء، دون إدراك ووعي كافيين.

هؤلاء لم يكتفوا بمتابعة الأخبار الصادرة عن الجهات الرسمية ونقلها فقط، بل أصروا على التحليل والإفتاء، بل وصل الأمر ببعضهم لنشر أخبار غير دقيقة وكاذبة، وترويج للشائعات وهو ما يمكن أن يعطل مسارات البحث ويربك الخطط التي وضعتها الأجهزة الأمنية للعثور على الطفلة.

هذه السلوكيات المنفرة تارة والعنصرية تارة أخرى، مرفوضة قانونياً ودينياً واجتماعياً، لم نعتد عليها من أهل البحرين، والذين بنوا هذا الوطن على السلام والتعايش وقبول الآخر، في حين يخرج علينا اليوم من يريد أن يكسر هذا البناء ويشوه الصورة الأجمل في المجتمع.

خلاصة الحديث أن وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكن أن ننكر قدرتها على تعزيز القيم المجتمعية والأمن والسلم الاجتماعي، يمكنها أن تكون في ذات الوقت أداة هدم لهذا البناء وتلك القيم، من خلال بعض طالبي الشهرة من وضعاف النفوس والمتسلقين.

إضاءة

ندعو الله عز وجل أن يعيد الطفلة إلى أهلها، وأن يحفظ أطفالنا وأطفالكم من كل سوء، ونحن واثقون من ذلك لأننا في دار بوسلمان، بلد الأمن والأمان والاستقرار.