قفزنا قفزات في محاربة الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي منذ سنوات وأصبحت لدينا مؤسسات رقابية تتابع كل صغيرة وكبيرة وتكشف المستور وتظهره للعلن بهدف الحفاظ على سمعة الدولة والعمل الحكومي والحفاظ على المال العام. وأحياناً أتمنى أن يصل هذا التقدم في مجال الرقابة والمتابعة والتدقيق إلى الكثير من مؤسسات القطاع الخاص وبالذات الكبيرة منها.

فعلى الرغم من الاعتقاد السائد أن هذه المؤسسات وبحكم حجمها وقدرتها على تحقيق الأرباح تعمل بحالة أكثر صرامة إدارياً ومالياً، لكن هذا الاعتقاد ليس دائماً في محله. فكم من تسريب يصلنا عن وجود شبهات لفساد إداري أو فساد مالي مصدره مؤسسات لها ثقلها في القطاع الخاص.

مثلاً، توجد تسريبات منذ بداية هذا العام بأن مسؤولاً عربياً في بنك إسلامي كبير يوظف أصدقاءه وصديقاته الذين هم من نفس بلده في مناصب رفيعة وحساسة على الرغم من أن هؤلاء الأصدقاء والصديقات معروف عنهم ترددهم الدائم على الملاهي الليلية ومعاقرتهم الخمر بالإضافة إلى سلوكيات أخرى فيها من الفسوق الشيء الكثير! ألا يعتبر ذلك فساداً؟! خاصة وأن هؤلاء حتماً سيمثلون البنك الإسلامي في اللقاءات مع المستثمرين وفي الإعلام وفي المؤتمرات؟ وألا يعتبر ما يقوم به هذا المسؤول فساداً إدارياً من الطراز الأول؟ وهل أصدقاؤه وصديقاته أفضل فعلاً من أبناء البلد؟

مثال آخر، يوجد مصنع معروف يديره جماعة أيضاً من نفس الأصول تشير التسريبات إلى أن عمليات الهدر المالي المشبوهة تتم فيه أمام أعين الموظفين دون أن يستطيعوا أن يحركوا ساكناً.. لماذا؟ لأن ملاك المصنع وضعوا ثقتهم في «الجماعة» ولا يستمعون لأي شكوى عن مدى الهدر الحاصل في الداخل خاصة وأن المحاسبين والمدققين الماليين من «الجماعة» أيضاً!

وهكذا، فالتسريبات كثيرة والأمثلة أكثر وللأسف يستمر مسلسل الشلليلة البغيضة والواسطة وحركات العصابات الدخيلة في تقرير مصير الكثير من مؤسسات القطاع الخاص الكبيرة والعريقة والتي لا ينفع معها حتى الآن لا رقابة ذاتية أو مدونة قواعد السلوك الشهيرة أو غيرها. ولن يؤدبها سوى فضيحة كبيرة أو خسائر مالية فادحة بعدها سينهض الملاك وأعضاء مجالس الإدارة من سباتهم ولكن بعد خراب البصرة!