يتناول الكثير من المراقبين الصدام المرتقب بين روسيا وأوكرانيا بطريقة تقليدية مفرطة في المدرسية، فيستخدمون ميزان القوى العسكرية لقياس كفتي الصراع، يقابلهم من يرجح كفة ضغوط العلاقات الدولية كالضغوط الدبلوماسية أو العقوبات الاقتصادية القاسية التي قد تثني بوتين عن مخططاته.

صحيح أن العلاقات الدولية يديرها شخصان هما الدبلوماسي والجندي، لكن تاريخ الحروب يقول إن هناك خارج متناول العسكري أو المفاوض الدبلوماسي عوامل أخرى لها القدرة على خلق مناخات استراتيجية تستحق عدم التجاوز.

فقد مزق «الجنرال شتاء» جيوش الغزاة وحمى بلدان عدة بطريقة طبيعية وغير مكلفة، فقد قرر الملك السويدي تشارلز عام 1709 غزو روسيا ثم قام نابليون 1812 بأقوى وأفضل جيش في أوروبا بالوصول إلى موسكو. كما فعل هتلر عام 1941 الشيء نفسه، غير أن الشتاء حل فمات معظم جيوشهم من الجوع والبرد. ولم يخوضوا معركة حقيقية بل خسارة لم يستطع أي منهم تجاوزها في سيرته الحربية.

البرد والجوع جراء صعوبة الإمداد وحالة الطرقات في الطقس الشرس ستكون بانتظار الروس والأوكرانيين ومن يصطف معهم وسينتصر «الجنرال شتاء» كما عودنا. كما سيكون «الجنرال كورونا» مهما كانت مسميات تحوراته فيروس أوميكرون أو فيروساً جديداً بانتظار جنود الطرفين، ففي روسيا، تم تسجيل أعلى عدد على الإطلاق لحالات الإصابة في 4 فبراير 2022، وهو 168201 إصابة جديدة خلال 24 ساعة. فمتحور أوميكرون من العوامل التي قد تزيد الموقف تعقيداً وتعيق تقدم الخطط الروسية بل حتى الأمريكية والناتو. أما القوات الأوكرانية فينقل عن قائد القوات البرية الأوكرانية الجنرال أولكساندر سيرسكي قوله إن 2400 حالة إصابة بأوميكرون اكتشفت بين 150000 جندي، وهو الرقم الذي يرجح أن يكون صغيراً بالقياس للعدد الفعلي للحالات، فقد تم إغلاق القواعد العسكرية الأوكرانية أمام الزوار، للمساعدة في منع انتشار الفيروس.

بالعجمي الفصيح

الجيش الأوكراني مصاب بمتحور أوميكرون، وفي الظروف نفسها يصيب الجنود الروس الذين لوحدهم أوالذين يشاركون بالتدريبات في بيلاروس، لكن المفارقة ستكون عندما ينتقل المتحور من المهزوم المستسلم إلى المنتصر الذي سيكون هو سجانه وعليه علاجه وإطعامه وحراسته عن قرب.