وأنت تتجول في الرياض وتُعاين التغيير الكبير الحاصل وتُلامس بصمة شباب وشابات السعودية المبدعة في كل الأركان والأجواء، ستبدأ في استيعاب كل العناوين والتصريحات التي طالعتها وأنت تصادف الأخبار عن موسم الرياض وتسمع عن الأماكن السياحية الجديدة التي أنشئت، لا شيء أمام ما تطالعه بعينيك، فهناك الكثير مما لم تتوقعه وستفطن رياض اليوم غير رياض الأمس، ولن تتنبأ بقدر ما ستدرك واقعاً بالتأكيد أمام تنامي العمران السياحي فيها، أنها ستكون إحدى أهم العواصم الخليجية والعربية كوجهة للسائح، فهناك الكثير من المقومات الطبيعية الجاذبة على أرض نجد العذية، منها الجو البارد والماطر الجميل، والأجواء الهادئة، والصحارى، والجبال والتضاريس المتنوعة والمناظر الطبيعية.

وأنا ألتقط الصور ومقاطع الفيديو في البوليفارد والعاذرية وقصر المصمك والمتحف السعودي الوطني، قلت لرفيقتي في السفر د.هنادي الجودر: «شتصورين شتخلين ما شاء الله كل زاوية وكل مكان حلو يبيلنا أيام حق نقدر نوثق بالصور ونوفي ما تعرضه هالمواقع!»، كما قلت: «نحتاج ليوم كامل فقط للتمعّن في كمية المعلومات والشواهد التاريخية التي يعرضها قصر المصمك والمتحف السعودي الوطني».

فقصر المصمك فور دخولك إياه تشعر وكأنك على موعد لمطالعة فيلم وثائقي تاريخي تعيشه بنفسك وأنت تتجوّل داخل القلعة بشكل رتب لكي يكون متسلسل الأحداث تتّبع فيه الإرشادات وخارطة الطريق وأنت تتنقّل من موقع لآخر لتطالع أركان القلعة واللوحات الحائطية والأفلام الاستعراضية التي تحكي لك الوقائع وتاريخ العائلة الحاكمة في السعودية والعوائل السعودية الأصيلة التي ساندت الحكم وكانت لها مواقفها الوطنية الثابتة عبر مر السنين، وكيف تم توحيد هذه الأرض العظيمة بحروب تاريخية للحفاظ على هويتها العربية، وستعايش كذلك أهم النقلات الوطنية السعودية لحين تصل لنهاية القلعة.

مما لفت نظرنا في أصناف قوائم الطعام بمطاعم البوليفارد، الابتكارات والمزج بين الأطباق السعودية والعالمية مع الاحتفاظ والتمسك باعتزاز بالأكلات الشعبية هناك، مثلاً في مطعم دخنة السعودي مشروب اسمه سعودي لاتيه والكمثرى السعودية وطائر النخيل والحيالة والخزامى البركاني وغروب الرياض «لاحظوا الاعتزاز باسم السعودية حتى في أسماء قوائم الطعام!».

وقفت طويلاً أتأمل لوحة حائطية جميلة في منطقة الأويسس، فأخبرتني المنظمة أنها بيد رسامة سعودية موهوبة شابة، ثم انتبهت أن هناك أكثر من لوحة حائطية بالمكان وأنا أطالع طريقة هندسة المحلات التي نثرت على ممر طويل وسط صحراء نجد وطريقة نثر المطاعم لطاولات الطعام على شكل خيام صحراوية وجلسات شعبية جميلة.

في الختام، أمام هذه الزيارة الجميلة لا يسعنا إلا أن نقول شكراً لولي عهد السعودية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على كل ما تم القيام به في الرياض، فهو ليس مكسب للسعودية فحسب، بل لكل عربي بإمكانه أن يستشهد بسياحة الرياض لمن يود الاطلاع على الثقافة العربية ويحظى في نفس الوقت بالترفيه وأجواء الاستجمام.

إحساس عابر

جزيل الشكر والتقدير والامتنان إلى فريق العمل القائم على متابعة أدق تفاصيل الترتيب والتنظيم للوفود الإعلامية الخليجية، ونخص بالشكر رئيس الهيئة السعودية للسياحة معالي الأستاذ فهد حميد الدين، والمتحدث الرسمي للهيئة الأستاذ عبدالله الدخيل، والأستاذة سارة العكيل، وشروق أشتيوي، وربى البلوي، والأستاذ فيصل الشهراني، وخالد الأحمدي على كل ما قاموا به من جهود مميزة.