زيارة جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية والتي اهتم بمتابعتها الرأي العام الخليجي والعربي وتصدرت ترند مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، حملت عدة رسائل بليغة المعنى وعميقة الأثر، أولها أن هذه الزيارة الأخوية التاريخية تأتي في نفس الفترة الزمنية التي جاءت مع أول ذكرى احتفال رسمية تتم في تاريخ المملكة بمناسبة يوم التأسيس بتاريخ 22 فبراير والتي وجه باعتمادها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه رسمياً في يناير الماضي، وهي ذكرى تأسيس أعظم دولة لها تاريخها وثقلها السياسي والاقتصادي والديني وتضم أعظم المقدسات الدينية وإرث الحضارة الإسلامية، وهي واجهة العالم العربي والإسلامي، فعلى مستوى دول العالم تعتبر المملكة العربية السعودية بقيادتها العظيمة من دول القوى العظمى التي تدير العالم. وقد أشار جلالة الملك المفدى لهذه الذكرى العظيمة خلال زيارته الميمونة، وأكد أن هذه الذكرى حققت في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين إنجازات حضارية وتنموية رائدة. هناك كلمات سامية عميقة صدرت من جلالة الملك المفدى وتعتبر مرجعاً تاريخياً هاماً يُستحضر لو تم الرجوع لها بعد عشرات السنين وتعتبر خير شاهد على هذه الحقبة التاريخية التي نعيشها والتي تعكس مكانة المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة للمشهد العالمي، حينما أشاد جلالته بالجهود التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين في خدمة القضايا الخليجية والعربية والإسلامية، مشيراً إلى الدور الاستراتيجي المتواصل للسعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي والذي يحقق ضماناً لمستقبل أفضل لشعوب العالم أجمع، وهذه الإشارة السامية تمثّل شهادة اعتراف من أحد ملوك العرب أن السعودية لا تعمل لأجل مستقبل السعوديين فقط، بل هي تعمل لضمان مستقبل أفضل لشعوب المنطقة العربية والعالم أجمع، وهذا ما نراه من خلال استراتيجيات حماية الأمن القومي الخليجي والعربي الذي له انعكاساته على أمن شعوب العالم وحماية الاقتصاد والبيئة، كما لا ننسى أن المحبة التي أظهرها جلالة الملك والقبلة التي طبعها على رأس خادم الحرمين الشريفين خلاله لقائه به هي مختصر مشاعر الشعب البحريني تجاه قيادة وشعب السعودية الشقيقة.

من الحقائق المؤكدة التي خرجت بها المباحثات التي تمت بين جلالة الملك المفدى وخادم الحرمين الشريفين حفظهما الله، أن هناك توأمه في السياسات والاستراتيجيات البحرينية السعودية، بالأخص فيما يتعلق ببعض الملفات الحاسمة في منطقة الشرق الأوسط، كملف القضية اليمنية والعراقية والفلسطينية والسورية واللبنانية والسودانية والنووي الإيراني، كما أن جلسة المباحثات استندت على تعزيز التعاون الأمني والعسكري المشترك والعزم على استكمال المشاريع الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتحفيز القطاعين الحكومي والخاص بين البلدين وتعزيز التعاون في مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، وهذا مؤشر يعكس أن هناك اتحاداً بحرينياً سعودياً حاصلاً على أرض الواقع. ولعل أبرز النتائج الإيجابية كذلك التطرّق لمشروع الملك حمد الذي سيربط بين المملكتين، وسيشكل علامة بارزة وفارقة في تاريخ العلاقات البحرينية السعودية، وسيكون أحد الشواهد الحيّة على متانة الروابط ودعم استراتيجيات مجلس التعاون الخليجي.

المميّز كذلك في هذه الزيارة التاريخية، رسائل التأييد الصادرة من جلالة الملك حفظه الله لكافة خطوات وسياسات السعودية، وأن البحرين تقف على الدوام في صف وخندق واحد مع السعودية لإيمانها بوحدة الهدف والمصير وأن أمن السعودية جزء لا يتجزأ من أمن البحرين. حفظ الله قياداتنا البحرينية والسعودية، وأدام عزهما وإنجازاتهما وزيارتهما التاريخية الأخوية.