جميل جداً أن يجعل المرء همه في الحياة إرضاء الله عز وجل في جميع أحواله، وأن يصدق مع الله عز وجل في جميل أعماله ويجعل حياته كلها لله خالصة لوجهه الكريم. هذا هو الأصل بألا ننتظر كلمات الشكر والإطراء والمديح من الآخرين مقابل أي عمل أو معروف تقوم به، بل ننتظر تلك الراحة النفسية الجميلة التي يسبغها المولى الكريم في قلوبنا بعد كل إنجاز نقوم به في خدمة «الإنسانية»، وما أجمل عطاء «الإنسانية».

يقول ابن القيم رحمه الله: «من عوّد نفسه العمل لله، لم يكن أشق عليه من العمل لغيره». فعمل الخير إذا اعتاده المسلم في أيام حياته، فهو سيصبح ركناً وطيداً في حياته، وسمة أساسية في شخصيته، فلا يقوى على الاستغناء؛ لأنه سيشعر حينها بالسعادة والراحة وأضحت مشاعره مُبرمجة على الاستمتاع بمعاني الخيرية. فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يسأل بلال: «يا بلال حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعتُ دفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة؟». قال بلال: «إني لم أتطهر طهوراً في ساعة ليل أو نهار إلا صلّيت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» متفق عليه.

عندما تعوّد نفسك على فعل الخير، فأنت حينها قد صنعت لنفسك جميلاً فتنتظر الفرص لتغتنمها في حصد الأجور إرضاء للمولى الكريم. لذا فإنك عندما تبادر للبحث عن الفرص، وعن رفقاء الخير الذين يتنسمون الخير ويشاركون معك في صنع الأثر الجميل، فهمهم الأول أن يجملوا حياتهم بتلك الأعمال، وأن يتنعموا بظلال الرحمن ويقينهم بسعادة قلوبهم بتلك السطور المجملة بالعطاء في صحائف حسناتهم يوم القيامة. هنيئاً لنفوس صادقة هينة لينة سمحة لا تتنازل عن عمل الخير، فإن جاءتها الفرصة أو كلفت بعمل الخير سارعت بلا تردد وإن كانت أوقاتها ممتلئة بالأعمال الإنسانية النافعة، فإيمانها أن المشغول بالخير هو الذي ينجز وإن تعددت مناشط الخير، هو الذي يعطيها الدافع الكبير للمسارعة في احتضان الفرص دون مماطلة أو صد عن تقبل «مهام الخير».

هذا عمير بن الحمام رضي الله عنه عندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر يقول: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض». فقال عمير: «يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض». قال: نعم. قال: بخ بخ. فقال: «ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قال: «لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها». قال: «فإنك من أهلها». فأخرج تمرات فجعل يأكل منهن، ثم قال: «لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي إنها لحياة طويلة، فرمى بالتمرة ثم قاتل حتى استشهد».

ومضة أمل

اشغل نفسك في الخير قبل أن تشغلك بهواجسها وفتات الدنيا. كن شعلة من الخير تصنع أثرك في كل مساحات الأجور، وبادر أن تكون في مقدمة ركب «قافلة الأجور» في كل ثواني الحياة. واحذر ألا تلبي نداء الفردوس الأعلى.. فهي الغاية الجميلة التي نرجوها.