من منطلق إذا التزمت الصمت حملت وزر النوايا، أراد مجلس التعاون الخليجي كأهم منظمة إقليمية أن يبدى حسن النوايا تجاه ما يجري في اليمن –فالجميع يعرف أن المبادرة الخليجية 2011 جزء من الحل– لقد بادر رغم أن دول المجلس طرف فيها، ووجه الأمين العام للمجلس د.نايف الحجرف دعوة للمشاورات اليمنية-اليمنية لتستضيفها الأمانة العامة في الفترة من 29 مارس حتى 7 أبريل 2022، وقد كانت لكل اليمنيين بما فيهم الحوثة. وكان الرد الحوثي تصعيداً بهجمات عدائية استهدفت منشآت اقتصادية ومدنية، كرفض لجهود ومبادرات السلام، وبمثابة الرد على الدعوة الخليجية.

لم نستغرب الرد الحوثي، فقد أصبح للمراقب الخليجي توقع كامل لأنماط الاستجابة الحوثية دعوات السلم وغارات الحرب، فردود أفعال تلك الميليشيات البدائية سهل التكهن، بل إنه ليس هناك من صعوبة في توقع ما كان سيحدث في المشاورات من جانب الحوثة.

فالنهج الحوثي في المشاورات كان سيبدأ بـ«ليونة» مأخوذة من أدبيات المفاوضين الإيرانيين، وتصنّع الأدب الديني الجم، ثم سيقولون، اقتربنا من التوصل إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى، لكن لن يتم الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء. ثم يماطلون كالإيرانيين فهم يسلكون نفس الأسلوب التفاوضي الإيراني، فخارطة طريق الحوثة في المشاورات رسمت بطهران، ولأن من سيمثلهم سيكون رهين الافتقار إلى صنع القرار، ستشكل المطالب المستجدة تحدياً لعملية التشاور، بل إن المشارك الحوثي سيقوم باختراع قضايا الضمانات على جدول الأعمال فمن الضامن الذي سيختاره غير طهران.

رفض الحوثة المشاركة في المشاورات مبرر، فهو استمرار للفرار من قدرهم، وهو الاضمحلال الفوري حال تحقق السلام، كما أن البيئة الدولية تضغط عليه بشدة فالحرب الروسية الأوكرانية غيرت بعض من شكل العلاقات الدولية، فالخليجيون تغيّرت مواقفهم من روسيا، والغرب وزادت مداخيلهم النفطية، والطرفان يتوددان لهم.

بالعجمي الفصيح

مجلس التعاون لن يترك اليمن ولو غاب الحوثة عن التشاورية، فقد سبق أن تحققت للمجلس أكثر من فرصة لوقف كل تدخل في شؤون اليمن، فرصة أن يطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمّل مسؤوليته في تنفيذ القرار 2216 فقد «كفّى التحالف ووفّى»، لكن هذا ما يريده الحوثة.