أجبرت الجائحة العالم كله أن يتحول للعمل عن بعد بسبب الظروف التي عاشها العالم خلال السنتين الماضيتين، فتحولت الأجهزة الحكومية لمنظومات متنقلة تعمل عن بعد محافظة على استمراريتها بالرغم من عدم الجاهزية الكاملة لمثل هذا التحول المفاجئ والطارئ، بينما كانت أجهزة القطاع الخاص والدول المتقدمة جاهزة لهذه العملية والتي انتقلت إليها بشكل سلس وذلك لوجود خطة طوارئ احتياطية معدة مسبقاً فيها سيناريوهات مختلفة من الأحداث التي من الممكن أن تصيب المنظومة بالشلل والإعاقة في العمل، وهذا ما ظهرت نتيجته وتم استخدامه خلال وقت الجائحة.

ولطول وقت الجائحة واستمراريتها لحد هذه اللحظة أي بعد سنتين من العمل عن بعد واستمرار الأخذ بالاحتياطات والإجراءات الاحترازية التي لم تنتهِ بشكل كامل أصبح هناك نضج ووقت كافٍ لعملية التقييم والمراجعة لجميع الإجراءات التي حصلت خلال هذه الفترة الطويلة والخروج منها بفوائد عديدة وخطط مستقبلية لتلافي الاضطرابات التي تحدث بشكل طبيعي في بداية كل جائحة.

ولذلك فإن عملية العمل عن بعد التي تحولت إليها المنظومة الحكومية في البحرين خلال فترة الجائحة والتي وصلت لنسب عالية خلال أوقات الذروة أثبتت نجاحها بدرجة عالية، حيث إن معظم الخدمات الحكومية استمرت ولو بدرجة أقل مما كانت عليه بطبيعة الحال إلا أنها كانت متوفرة، كذلك هناك الكثير من الخدمات التي تمت أتمتتها خلال فترة الجائحة والتي كان المواطن يعاني من كثرة متطلباتها إضافة إلى طوابير الانتظار لتأتي الجائحة وتجبر بعض العقول التي كانت تقف عائقاً في تحويل هذه الخدمات إلى خدمات إلكترونية إجبارياً.

ونتيجة لنجاح تجربة العمل من المنزل والعمل عن بعد، وجه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بتطبيق نظام العمل من المنزل للموظفين العاملين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية خلال شهر رمضان المبارك بنسبة تصل حتى 50% باستثناء القطاعات الحيوية، وهذا يأتي من ثقة سموه بالمنظومة الحكومية والموظف الحكومي الذي سيكون موظفاً منتجاً سواء كان يعمل من مقر العمل أو عن بعد، إضافة لمراعاة القيادة للظروف الخاصة لشهر رمضان المبارك والتخفيف على الناس بما لا يؤثر على الإنتاجية وفي ذات الوقت يعطي نوعاً من المرونة والراحة للجهاز الحكومي.