تحتل الشراكة المجتمعية في مملكة البحرين مكانةً بارزة، تشارك فيها كافة القطاعات السياسية والاجتماعية والأمنية والإنسانية وغيرها.. لأهميتها في بلورة وعي المجتمع في تحمله المسؤولية الوطنية، للمحافظة على أمن واستقرار الوطن. وتضافر الجهود التي تشمل المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني والمواطنين والمقيمين على حد سواء، باعتبارهم شركاء في تحقيق الاستقرار والسلامة والتضامن في مواجهة ما يفرق أو يشتت الجهود أو يعزز عوامل الفرقة. مثل النزعات التقسيمية التي تقوم على التمييز والإقصاء، وتعيق تحقيق هذه الشراكة وتأسيس مؤسسات المجتمع على أسس مدنية ووطنية جامعة. وتشوه العمل السياسي والاجتماعي، بجعله معبِّراً عن فكر تقسيمي. وتعرقل تكوين الوعي الوطني المستند إلى مفهوم المواطنة الجامعة والمتساوية، عبر السَّعي إلى تجزئة هذا الوعي، وجعله يعبِّر عن مصالح ضيّقة..

ولذلك تسعى الخطة الوطنية «بحريننا» ومجمل برامج الشراكة المجتمعية إلى تحقيق الأهداف التي تعزز مفهوم دولة القانون وتنمية روح التضامن الوطني والمسؤولية الاجتماعية، بالالتزام المتواصل بالمشاركة في تحقيق التنمية المستدامة بكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، والتحديث المجتمعي بمعناه الشامل، وهي مجمل المبادئ التي تشكل سقفاً مشتركاً بين الدولة وقوى المجتمع المدني.

ومن هذا المنطلق، فإن الشَّراكة المجتمعية، تنهضُ على هذا القدر المشترك الجامع، الذي لا يدخل ضمن التجاذبات السياسية أو الطائفية، الذي يشمل الثوابت الوطنية الحقوق والحريات والتعددية واحترام القانون ورفض العنف بكافة أشكاله، والمحافظة على السلم الأهلي، والتّسامح والوحدة الوطنية ونبذ الكراهية والتعصب، وغير ذلك من المبادئ التي ركّز عليها المشروع الإصلاحي لبناء الإنسان بكافة أبعاده. وتوفير مقومات وجوده التنموية التي تساعد على تفعيل قيم المواطنة والانتماء. ولذلك يبقى الخطر الأساسي والأكبر الذي يهدد التجربة الديمقراطية والوحدة الوطنية هي النزعات التقسيمية، والأشكال المختلفة للتعصب والكراهية التي تستند في الغالب إلى «عقيدة استعلائية»، لا ترى أي حاجة للشراكة الوطنية، وبالتالي تحارب فكرة المواطنة كأساس للانتماء. وعندما تنجح هذه النزعات في إحلال نفسها محل الوطن، فإنها تبدأ بإلغائه فوراً ويصبح بلا قيمة، كما حدث في بعض الأقطار العربية عندما تحولت النزعات التقسيمية أساساً للنظامين الاجتماعي والسياسي فغاب الوطن.

إن الوعي بهذه المخاطر، ما تخلفه هذه النزعات التقسيمية من كوارث، لا يكفي وحده لتجاوزها، بل يجب بذل جهد وطني تشاركي لمنع انتقال تأثير هذا الخراب إلى عقول الناشئة. ومن هنا تأتي أهمية الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة «بحريننا» التي جاءت تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية، لتعزيز الانتماء الوطني، وترسيخ قيم المواطنة والشراكة المجتمعية، كجزء من جهد وطني شامل تسهم فيه مختلف الجهات الحكومية والأهلية.