كالعادة مع بداية كل عام، شعلة الفرح والحماس تعلو وجوه طلابنا وطالباتنا، ويبدو ذلك واضحاً من خلال التجهيزات التي يقومون بها بمساعدة أولياء أمورهم في تجهيز متطلبات المدرسة قبل أن تفتح أبوابها، كشراء الملابس المدرسية، والأحذية والملابس الرياضية، والحقائب، وأدوات القرطاسية من دفاتر وأقلام وغيرها.
وفي الأيام الأولى وعند دخولهم المدرسة نراهم يهتمون بدفاترهم وكتبهم ويقومون بتغليفها، ينكبون على الدروس، وحل الواجبات أولاً بأول، ويحرصون على النوم المبكر والاستيقاظ المبكر للوصول إلى المدرسة قبل الجرس الصباحي، هذا هو حال أغلب الطلبة والحمد لله.
ولكن ما يحصل هو تقاعس الكثيرين من الطلبة وتسرب الفتور إلى نفوسهم وفقدان الحماس والرغبة تدريجياً في المذاكرة كما كانوا في بداية العام الدراسي فما هي الأسباب؟!
من الطبيعي جداً أن يتعرض الإنسان مع الأيام إلى الفتور في العزيمة، وتضعف لديه الإرادة، ويقل إصراره على الاستمرار بنفس الشكل في بذل المجهود والعناء والتعب من أجل تحقيق مراتب متقدمة في دراسته كل حسب مستواه ووضعه الدراسي والنفسي والاجتماعية فهذه طبيعة بشرية.
وهنا يأتي دور الجهات التربوية والتعليمية الأخرى ابتداءً من البيت والمدرسة والمجتمع ودورهم في بث روح المثابرة ورفع الهمة في نفس الطالب طوال عامه الدراسي، ولا يقتصر دورهم في بداية العام الدراسي وحسب، فالطالب يواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات طوال العام وبحاجة إلى الدعم المعنوي ممن يفوقونه خبرة وعلماً.
وإحدى أهم الأساليب هي طرح التجارب الحية للطلبة المتفوقين والمتميزين بإتاحة الفرصة لهم بالتحدث عن أنفسهم وتوضيح أساليبهم اليومية والحياتية وطرقهم التي يتبعونها والتي أوصلتهم إلى تلك المرتبة العالية والمتميزة عن غيرهم من الطلبة حتى يستفيد الآخرين من أقرانهم المتعثرين وأصحاب الهمم المتدنية في شحذ بطارية الهمة والعزيمة في حياتهم من جديد.
وكذلك دور المعلمين في تلمس وابتكار الأساليب المشجعة والمبدعة التي تساعد الطالب على كسر الروتين وتخطي الملل وحب الدرس والمذاكرة، ولا ننسى دور الوالدين والأهل الداعم والمساند فهم الأساس الأول لعملية التربية والإرشاد الأكاديمي في البيت.
ختاماً المثابرة تلك الصفة المهمة التي لا يمكننا أن نحقق أي نجاح من دونها، وهي صفة تعلمنا أن جني الثمار يتطلب منا الصبر «واصطبر عليها» والتغلب على التحديات والتغييرات المناخية وبذل الجهد في العناية الدائمة والمستمرة بالغرس منذ أن يكون بذراً حتى يكبر ويصبح شجراً نجني ثماره، وهذا لا شك يتطلب الصبر الطويل وإلا فلن يحدث التغيير بين ليلة وضحاها.
ولنا في رسولنا صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة، لم ينجح في تحقيق هدفه ونشر رسالته بيسر وسهولة، وإنما بالصمود والمثابرة حتى خضع لرسالته أصلب وأعند الشخصيات مثل الفاروق، وخالد بن الوليد، وصبر على الأذى، وناضل وجاهد حتى دخل مكة فاتحاً بعد أن خرج منها متخفياً. وجعله الله عاماً مليئاً بالنشاط ومتميزاً عن غيره من الأعوام.