أيمن شكل




أكد قانونيون، وجود قصور تشريعي في جريمة تسجيل المكالمات الهاتفية، مشيرين إلى أنه لا يوجد نص واضح وصريح خاص يجرم الفعل، كما فعل المشرع في دول أخرى، إلا أنهم أشاروا لنصوص بقوانين بحرينية يمكن أن تردع استغلال التطبيقات التي تسجل المكالمات في إفشاء أسرار الآخرين، وأشاروا إلى أن حسن النية لا عقوبة عليه حتى يتم إفشاء الرسالة.


وأشار الدكتور علي البحار، إلى أن تسجيل المكالمات يندرج تحت واحد من أهم حقوق الإنسان وهو الحق في الخصوصية، الذي يشمل حق الفرد في التمتع بالخصوصية في كافة مناحي حياته الخاصة، والذي أكدته الإعلانات والمواثيق الدولية بالإضافة إلى الدساتير والتشريعات المحلية للدول ومنها مملكة البحرين. وقال: "يقع على عاتق الدولة التزام دولي بحماية هذا الحق واتخاذ التدابير التشريعية والقضائية اللازمة لتوفير هذه الحماية".

ونوه البحار بما نصت عليه المادة 26، من دستور مملكة البحرين على أنه "حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية والإلكترونية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة المراسلات أو إفشاء سريتها إلا في الضرورات التي يبينها القانون، ووفقاً للإجراءات والضمانات المنصوص عليها فيه"، وإلى نص المادة 93 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: "يجوز للنيابة العامة أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود، ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات، وأن تراقب المحادثات والمراسلات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس. ويشترط لاتخاذ أي من الإجراءات السابقة الحصول مقدما على إذن بذلك من قاضي المحكمة الصغرى، ويصدر القاضي هذا الإذن بعد اطلاعه على الأوراق".

وفي جميع الأحوال يجب أن يكون الضبط أو المراقبة أو التسجيل بناء على أمر مسبب ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوما قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة.

وأوضح البحار أن المادة 372 من قانون العقوبات، يمكن أن تستخدم في هذه الجريمة حيث تنص على "يعاقب بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ديناراً من فض رسالة أو برقية بغير رضا من أرسلت إليه أو استرق السمع في مكالمة تليفونية.

ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً إذا أفشى الرسالة أو البرقية أو المكالمة لغير من وجهت إليه ودون إذنه متى كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالغير.

وأشار إلى استخدام المادة 290 من قانون العقوبات في المعاملات الهاتفية والتي تنص على "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً من تسبب عمداً في إزعاج غيره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات السلكية أو اللاسلكية.

ولفت إلى استحداث نص في المادة 4 من قانون رقم 60 لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات بأنه "يعاقب بالحبس وبالغرامة التي لا تجاوز مائة ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، من تنصت أو التقط أو اعترض دون مسوغ قانوني مستخدماً وسائل فنية، إرسالاً غير موجه للعموم لبيانات وسيلة تقنية المعلومات، سواء كانت البيانات مرسلة من نظام تقنية المعلومات أو إليه أو ضمنه، و إذا نتج عن التنصت أو الالتقاط أو الاعتراض إفشاء للإرسال أو جزء منه دون مسوغ قانوني عُدَّ ذلك ظرفاً مشدداً".

وأكد البحار، أن المشرع البحرين أولى حماية الحق في الخصوصية أهمية بالغة، إلا أنه لا يوجد نص واضح وصريح خاص يجرم تسجيل المكالمات الهاتفية، كما فعل المشرع المصري وغيره من المشرعين بشأن جريمة تسجيل المكالمات الهاتفية، وهو ما يعد قصوراً تشريعياً بحاجة إلى معالجته، خصوصاً وأن جريمة التنصت والمراقبة وتسجيل المكالمات الهاتفية من أخطر الجرائم التي يمكن أن تصيب الإنسان في حرمة حياته الخاصة، والتي تشمل سرية المكالمات الهاتفية أيضاً باعتبارها أحد عناصر الحياة الخاصة.

من جانبها أكدت المحامية رجاء الحايكي، تجريم القانون البحريني تسجيل المكالمات إذا كان يتم تسجيلها بدون علم الطرف الآخر وقام بنشرها أو قام شخص آخر بسماعها، إلا أنها أشارت لخاصية التسجيل التلقائي في بعض الهواتف بدون إدراك صاحبها، والتي لا تعتبر جريمة إلا عند استخدامها، وقالت إن تسجيل المكالمة بدون علم الطرف الآخر يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.

وأوضحت أن القانون اشترط أن يقوم أحد الطرفين بإبلاغ الآخر بأنه سيقوم بتسجيل المكالمة، وإذا منحه الإذن ففي هذه الحالة يعد تسجيل المكالمة صحيحاً ويعتد به عند اللجوء للقضاء، أما إذا تم تسجيل المكالمة بدون علم الطرف الآخر وثم قام بنشر هذه المكالمة أو قام بالتشهير بها فهنا تتحول إلى جريمة ودعت الحايكي من يستخدمون تطبيقات تسجيل الصوت أن يبلغوا أي شخص يتصل بهم بأن الهاتف به خاصية تسجيل المكالمات مثلما تفعل شركات الاتصالات عند الاتصال بخدمة العملاء، وفي حال وجود أي مكالمات مسجلة فيجب حذفها وعدم استخدامها، حتى لا يتعرض صاحبها للعقوبة المقررة بنص المادة 372 من قانون العقوبات.

فيما أكدت المحامية مي الجويسر، أنه لا يجوز تسجيل المكالمات وأن الأصل فيها المنع استناداً لنص المادة 93 من الإجراءات الجنائية.

وقالت: "إن إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص يشترط فيه الحصول على إذن مسبق من قاضي المحكمة الصغرى، ويصدر القاضي هذا الإذن بعد اطلاعه على مستندات تعزز الطلب، وفي حال الموافقة فإن ذلك الإذن لا يتجاوز ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة".

وأوضحت الجويسر أن نص المادة 372 يفرض عقوبة على إفشاء الرسائل أو البرقيات أو المكالمة لغير من وجهت إليه ودون إذنه متى كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالغير، مشيرة إلى أن حسن النية لا عقوبة عليه حتى يتم إفشاء الرسالة أو البرقية أو المكالمة لغير من وجهت إليه ودون إذنه متى كان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالغير.

ودعت مستخدمي الهواتف، إلى محو التسجيلات التي تحدث عبر برامج وتطبيقات بشكل تلقائي، لكن إذا كان هناك أمر جلل ويتوقع ارتكاب جريمة، فيمكن إبلاغ الأجهزة المعنية باللجوء للتسجيل للحفاظ على الدليل، مع وضع رقم سري لكل هاتف لا يعلمه غير مالك الجوال حتى لا يعبث به أحد أو يوقعه في خطأ.