النص يفتقد للقصد الجنائي والفعل المؤثر في الحيازة

تعريف المادة الإباحية غير محدد لتجنّب حيازتها


أثار نص المادة (10) فقرة ( 2/ب ) من القانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات والذي يعاقب على حيازة مادة إباحية في الهاتف جدلاً لدى قانونيون.



وأشاروا إلى أن النص لم يحدد الفعل المؤثم وجاءت عباراته بالغة العموم والاتساع ويتعارض مع المبدأ الدستوري بأن الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون، مؤكدين خلوه من القصد الجنائي للحيازة وأنه يحتاج لإعادة نظر من المشرع.

وأشار المحامي عبدالرحمن غنيم إلى أنه تقدم بطلب طعن على دستورية المادة، لافتاً إلى أن النص التجريمي لحيازة المادة الإباحية قد جعل من الحيازة ركناً مادياً لارتكاب الجريمة، في حين أن لكل جريمة حتى تكتمل قصداً جنائياً يتمثل في انصراف نية الجاني من فعل الحصول على المادة الإباحية أو حيازتها، وهو تداولها بين العامة بما يسيء إلى الآداب العامة والأخلاق وبما يؤثر على المجتمع المحافظ على عاداته وتقاليده، وإذا انحصر الفعل المادي المتمثل في حيازة المواد الإباحية على مجرد الحيازة للنفس دون طرحها للتداول بين الناس فإن القصد الجنائي لا يتوافق في هذه الجريمة والقول بغير ذلك يتعارض مع النص الدستوري بالمادة رقم (19) فقرة (أ): (بأن الحرية الشخصية مكفولة وفقاً للقانون).

كما نوه غنيم بنص مأخوذ من حكم للمحكمة الدستورية بالكويت يقول "يجب أن تكون الأفعال المؤثمة محددة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، وأن تكون واضحة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها حتى يكون المخاطبون بها على بينة من حقيقة تلك الأفعال التي يتعين عليهم اجتنابها، ذلك أن الأصل في النصوص الجزائية أن تصاغ في حدود ضيقة تعريفاً بالأفعال التي تجرمها، وتحديداً لماهيتها، لضمان ألا يكون التجهيل بها موطناً للإخلال بحقوق كفلها الدستور".

لكن المحكمة لم تر جدية في الطلب، وقالت إن نص المادة واضح وصياغتها دقيقة ومحددة دون إبهام، فلجأ غنيم إلى محكمة التمييز والتي اتفقت مع رأي محكمة أول درجة ورفضت الطعن.

وحول تعريف المادة الإباحية فهي "كل صورة ثابتة أو حركية تحرك غريزة الإنسان" ومجرد حيازتها يعدُ جريمة حيث نصت المادة قد نص في المادة 10/2 بند (ب) قد نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار كل من حاز مادة إباحية داخل نظام تقني المعلومات أو في أية وسيلة تقنية المعلومات).

وفي هذا النص لفت المحامي غنيم إلى أن التعريف يمكن تحميله بأكثر من معنى، على نحو قد تعددت معه تأويلاتها ليكشف عن مدى الاتساع الذي يمكن أن تحمل عليه مفهوم الحيازة، وافتقادها إلى عناصر الضبط والإحكام الموضوعي، وانطوائها على خفاء وغموض قد يقع معه الكثير في دائرة التأثيم، إذ يصبح تقدير الأمر في النهاية متروكاً للجهات القائمة على تطبيق القانون وفقاً لتقديرها ودون ضابط يقيدها، وبما قد يؤول في التطبيق إلى إطلاق العنان لسوء التقدير وهو ما يتأبى مع ما حرص عليه الدستور من كفالة الحرية الشخصية و صونها.

من جانبها، وصفت المحامية والشورية السابقة رباب العريض المادة الخاصة بحيازة المادة الإباحية بالواسعة والتي تحتوي على غموض، وقالت إن القانون يجب أن يكون واضحاً وثابتاً ومحدداً في التجريم، وقد يرى القاضي أن المادة غير إباحية وبما يؤدي إلى تباين الآراء في تعريف المادة الإباحية وتقدير عقوبتها، ودعت لأن يكون التجريم مقتصراً على المواد الإباحية المتعلقة بالأطفال وانتهاك خصوصيتهم.

وأكدت أن المادة فيها انتهاك لحرية وخصوصية الإنسان، وأشارت إلى أن الهاتف هو ملك خاص لصاحبه وقد يحتوي على مواد خاصة لم يقم بترويجها أو إرسالها لأشخاص آخرين، ودعت لأن يكون التجريم على الترويج وليس الحيازة، منوهة إلى أن هذه المواد تبقى غير أخلاقية، لكن يتعارض النص مع مبدأ الحرية الشخصية.

وطرحت المحامية أحد الضويحي مجموعة من التساؤلات حول النص العقابي وظروف وملابسات الجريمة، لافتة إلى أن بعض الهواتف يتم ضبطها لتنزيل الملفات تلقائيا بمجرد الربط مع شبكة "واي فاي"، وقد يجد صاحب الهاتف نفسه متورطا في جريمة دون علم بها، وقالت إن القانون لم يعالج تلك الحالة.

كما أشارت الضويحي إلى أن النص قد ساوى بين حيازة صورة أو مقطع فيديو واحد في الهاتف، مع من يتقصد تحميل هذه النوعية بعدد لا محدود في هاتفه وترك الأمر لتقدير المحكمة إلا أن الإدانة واحدة في الحالتين.

وقالت المحامية الضويحي إن المواد الإباحية التي يتم ضبطها في هواتف المدانين عادة ما تأتي من مصادر يمكن الوصول إليها وعادة ما يكون أحد أصدقاء المتهم، لكن لا يتم البحث عادة حول مصدرها، وينحصر الضبط والاتهام حول الحيازة دون البحث عن المصدر الحقيقي.

وتساءلت الضويحي عن الوضع القانوني لمواقع تواصل اجتماعي موجود على جميع هواتف الناس، وتتيح المقاطع الإباحية دون استئذان صاحبها، وقالت: "هل يمكن تجريم حيازة مقطع موجود أصلاً على موقع إلكتروني مسموح بتنزيله واستخدامه في الدولة"؟.. وماذا لو تم ضبط أحد الأشخاص وعند فتح هاتفه عثر على مقطع يخصه شخصياً أو لزوجته"؟.