أيمن شكل




أكد رجال دين أن احترام الطريق من الآداب العظيمة التي حث عليها الإسلام وأمر بها باعتباره من القيم الأخلاقية السامية التي ترتقي بالفرد والمجتمع، مشيرين إلى أن حقّ الطّريق هو الالتزام بالآداب الإسلامية والأخلاق الرفيعة، بعدم الإساءة للمارة والسائرين لأن الطريق ملك عام للناس جميعاً ولكل إنسان الحق باستخدامه ضمن الضوابط الشرعية مع عدم إزعاج الآخرين.


وعرف الشيخ د. ياسر المحميد الطريق بأنه يطلق على الدرب المحسوس وهي ممرات الناس بذواتهم أو مركباتهم، كما يطلق الطريق أيضا على المنهج والمعتقد والفكر الذي يسير عليه الإنسان، وقال إن الشريعة الإسلامية جاءت موضحة أن الطريق لا بد أن يكون مستقيما في ما يخص معتقد الإنسان وفكره، ولا بد أيضا من العناية بطرق الناس الحسية إما بتعديلها والعناية بها، وإما بإبعاد الأضرار عنها.

وأشار إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي عدد فيه شعب الإيمان وذكر منها إماطة الأذى من طرقات الناس، وذم من يتخذ الطرق لقضاء حاجة الإنسان وسماها الملاعن، وجاءت العقوبة الصارمة في قطاع الطريق وهم اللصوص الذين يزعجون المارة.

وقال المحميد إن «كثيراً من العلماء استفاضوا بالكتابة في آداب الطريق»، منوهاً بما قامت به وزارة الداخلية مؤخرا بالتشديد على عقوبة من يزعجون الناس في الطرقات بمركباتهم وبمن يتجاوزون المسارات بطريقة خاطئة، ما يعرض حياة الناس للخطر ويؤذي المجتمع.

وأكد أن «تلك الأفعال ليست من الإسلام في شيء ولا يأتي بها إنسان عاقل، ولا يليق لمسلم أن يتسبب في إزعاج الناس بأصوات مركبته أو السياقة المتهورة، أو الأفعال المخلة بالأمن أو حركة السير».

وشدد على أن هذا التوجه الوطني الأمني هو مطلب شرعي واقع تحته الأجر والإثم، مثمناً جهود منتسبي وزارة الداخلية في حفظ الأمن والمرور وحث المواطنين والمقيمين على المساهمة بحفظ آداب الطريق، وقال: «أوصل الأمر إلى كل محب لهذا البلد المعطاء أن نعبر عن ديننا وأخلاقنا بحسن سياقتنا لسياراتنا».

من جانبه أوضح د. عبدالله المقابي، أن «حكم الشرع في هذه المسائل يعتمد على مبادئ عدة في الإسلام، فمن الناحية العامة، يجب على المسلمين أن يكونوا محترمين لحقوق الآخرين وأن يعيشوا في مجتمع متسامح ومتعاون».

وأكد أن «إزعاج الناس بأصوات السيارات، يعتبر من السلوكات المزعجة وغير المحترمة، وقال إن الإسلام يحث على الحفاظ على السكينة والسلام في المجتمع، وعدم إزعاج الآخرين بالضجيج الزائد يتعارض مع ذلك».

ووجه المقابي نصيحة للشباب، بأن يكون المسلم الشاب حذرا في استخدام أصوات السيارات بطريقة تعكس الاحترام للآخرين وتحافظ على الهدوء والسكينة.

وأضاف أن «الإزعاج والاستمرار فيه يعد من التجاوزات المحرمة حيث حرص الإسلام على إعطاء الطريق حقه والالتزام بآدابه، وكف الأذى عن الناس والمارة، وعدم إيذائهم في أجسادهم وفي أموالهم وفي أعراضهم»، وقال إن «كلمة الأذى كلمة جامعة لها تبعات كثيرة، فتشمل كل أذى يصيب الإنسان من أخيه الإنسان من قول أو فعل أو نظر أو إشارة».

ولفت المقابي، إلى أن «استخدام السيارات والدراجات النارية في تجاوز من له حق المرور أو بإغلاق الطريق بها على المشاة، أو بتشغيل صوت الأغاني العالي فيها دون مراعاة للآخرين أو الإحساس بالمرضى وأي فرد آخر ينزعج من هذا السلوك، ليس من الإسلام في شيء، وقد نبذه الدين وحذر من عواقبه».

وقال: إن «الإسلام يحث على العدل والمساواة بين الناس في جميع الأمور، بما في ذلك استخدام الطرق العامة، ولذلك فإن التجاوز الخاطئ وعدم احترام حقوق الآخرين في الطريق يعتبران مخالفة لتلك المبادئ؛ يجب على المسلمين أن يكونوا حذرين ومسؤولين عند قيادة السيارات وأن يحترموا حقوق الآخرين في الطريق، مثل الإشارة بالضوء المناسب والالتزام بالقوانين المرورية».

ولفت إلى أن «الإسلام يحث على الاحترام المتبادل والتعاون والعدل في المجتمع، حيث يجب أن تطبق هذه المبادئ في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك السلوكات المرتبطة بالسيارات والطرق».

بدوره شدد د. صالح عبدالكريم، على أن «إزعاج الناس بأصوات السيارات في الطرقات والأحياء أمرٌ محرم»، لافتا إلى «الدليل على ذلك من النصوص الشرعية الكثيرة التي تحرم إيذاء الناس، والقواعد الشرعية التي تنهى عن الإضرار بهم «فلا ضرر ولا ضرار»».

وقال إن «إزعاج الناس بأصوات السيارات العالية يخالف الآداب التي دعا إليها القرآن الكريم من خفض الصوت قال تعالى «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ»».

وأوضح أن «من الأمور المنهي عنها، التجاوز الخاطئ في الطرقات، والذي يعتبر من التفريط الذي يحصل بسببه الحوادث المرورية وما قد ينجم عنها من إزهاق الأنفس، والإصابات الخطيرة، وتحرمه الشريعة الإسلامية بدون أدنى شك».

وأكد أنه «من الواجب على الجميع احترام حقوق الناس والتحلي الآداب الشرعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في آداب الطريق من كف الأذى وغض البصر، والالتزام بالقوانين الصادرة من إدارة المرور والتي تهدف إلى حفظ الأنفس والسكينة في المجتمع».

وقال الشيخ توفيق الصائغ إن «شأن الأذى في الإسلام عظيم أيا كان نوعه سواء أكان تلوثاً سمعياً أو بصرياً ولذلك جعلته الشريعة من شعب الإيمان المرعية، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق كما ورد في نص الحديث الشريف».

وأكد الصائغ أن «حماية الأسماع كحماية الأبصار والأجساد»، منوهاً بما ذكره أهل العلم في بشرى جبريل عليه السلام للسيدة خديجة رضي الله عنها «ويبشرك ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب»، قالوا إنها استحقت ذلك لأنها كانت تحمي سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى كما تحمي جسده وبصره.

وقال الصائغ: «من خصال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفيعة وشمائله الحسنة أنه لم يكن صخاباً في الأسواق، ونودي الصحابة رضوان الله عليهم في الكتاب العزيز بألا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي وألا يجهروا له بالقول كجهر بعضهم لبعض، وفي المقابل جاء الوعيد الشديد في الإيذاء بأنواعه، حيث قال الحق جل ثناؤه «والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً».

واختتم «بالتأكيد على أن تحويل المركبات لتصدر أصواتا صاخبة ومزعجة للمارة، يحمّل صاحبه إثما ويضعه في مكانة المؤذي لإخوانه وجيرانه ومجتمعه».

ونوه الشيخ عبدالناصر عبدالله إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال فيه «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، مشددا على أنه «يعتبر قاعدة عامة في وجوب أن يسلم الناس من كل أذى يمكن أن يحدث من الإنسان المسلم، فلا بد للمسلم من أن يحافظ على أخلاقه في جميع صورها لأن محور هذا الدين هو الأخلاق، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

وأوضح الشيخ عبدالناصر عبدالله أن «العبادات التي يمارسها الإنسان هي عبادات تنفعه شخصياً، أما معاملاته فهي أمور متعدية تنتقل إلى غيره»، وقال: «لهذا ينبغي أن يكون المسلم إيجابيا في معاملاته ولا يؤذي الناس، أو يتسبب في حدوث مشكلات، لأن الإسلام علمنا آداب التعامل مع الآخرين، حيث قال عليه الصلاة والسلام «الدين المعاملة» ومن حس معاملة الإنسان لأخيه الإنسان أن يكف عنه شره».

ولفت إلى أن «الشر درجات مختلفة وأنواع وأشكال ومنها إيذاء الناس وإزعاجهم بالمزاحمة في الأماكن وقطع الطريق عليهم»، وقال: «ليس من الدين أن يأتي المسلم إلى المسجد ويغلق الطريق بسيارته بذريعة الصلاة، فهناك بعض الناس قد لا تستطيع الوصول إلى المستشفى بسبب هذه الأفعال والتصرفات».

وأكد أن «على المسلم أن يحرص على أخلاقه ومعاملاته وتصرفاته أمام الناس ولا يربك عليهم حياتهم ولا يزعجهم أو يتسبب في تعطيل مصالحهم، لأن الإسلام دين النفع وليس دين الضرر، ولا عذر لإنسان أن يرتكب خطأ في الطريق أو لا يحافظ على مشاعر الناس وهذا أفضل لحياتنا وأحفظ لديننا».