أكد خبراء قانون أن 99% من الفرائض الشرعية تشهد جدلاً ونزاعات قضائية بين الورثة، ودعوا إلى ضرورة التثبت من المعلومات التي يقدمها الموصي لتوثيق وصيته لدى المحكمة، وتقديم ما يثبت صحة تلك المعلومات وشهادة صحية تؤكد سلامته عند كتابة الوصية، ودعوا إلى الاهتمام بكتابة الوصية في وقت مبكر حفاظاً على ممتلكات المورثين التي لا يعلمها الورثة.

وأكدت المحامية هدى المهزع أن 75% من المجتمع لا يكتب وصيته، وقالت إن توثيق الوصية يتم في المحكمة لدى قاضي الإجراءات ثم تسجل إلكترونياً باستخدام استمارة مخصصة لذلك، وبعد وفاة الموصي تدمج مع الفريضة الشرعية تلقائياً، بخلاف ما كان يحدث قديماً بأن يكتب الموصي وصيته ويتركها في خزنة أو لدى شخص ثقة أو محامٍ، لافتة إلى أن أكثر الوصايا تكون على عقارات، ويقوم المحامي بعمل إجراءات تنفيذ تلك الوصية بعد وفاة الموصي.

لا ميراث قبل سداد الديون



وحول التزامات الورثة بشأن ديون المورث، أكدت المهزع أنه لا ميراث إلا بعد سداد الديون، حيث يتم غلق كافة حسابات ومعاملات وسجلات المتوفى بعد وفاته مباشرة، خاصة عندما يكون هناك قاصرون من الورثة فيكون التعامل مع إدارة أموال القاصرين، ويقدم طلب لهم للسماح بإدارة أعمال المتوفى، حتى لا تتوقف وتسبب خسائر للورثة.

وأوضحت المهزع أيضاً أنه لا يسمح بعمل وصية أكثر من الثلث بعد حصر التركة، ويجب أن يقدم الموصي شاهدين أمام قاضي الإجراءات، وفي حال تجاوزت الوصية الثلث، يحق للورثة رفضها خاصة لو كانت الوصية لوارث، وقالت: إن إحدى السيدات أوصت بثلث التركة للأعمال الخيرية، وطلب منها جلب شاهدين حتى لا يطعن الورثة في الوصية.

ما أن يموت الموصي تفتح أبواب جهنم

وحول تفاصيل الوصية أوضح المحامي ورجل الدين عبدالهادي خمدن أن الوصية يجب أن توثق لدى القاضي الشرعي، في المحكمة بحيث يتقدم الموصي بطلب التصديق على وصيته ويقوم القاضي بالتصديق عليها، لكنه أكد أن 99% من الفرائض الشرعية والوصايا، تشهد جدلاً وخلافاً بين الورثة في المحاكم، ودعا لضرورة التأكد من صحة الموصي والمستندات الدالة على ما يوصي به، وكذلك البحث حول أسباب تحديد أشخاص دون غيرها في الوصية.

وقال خمدن إن مشكلات كبيرة تحدث فيما بعد وفاة الموصي، حيث تظهر أسباب الوصية مع خلافات الورثة، ويتضح أنه ظلم البعض ولم ينصف بسبب خلافات قديمة أو اعتبارات أخرى، فيتم الطعن على الوصية من قبل الورثة بعدم سلامة عقل الموصي عند كتابة الوصية.

وأشار المحامي ورجل الدين إلى أنه لا يجوز للمورث أن يوصي بأكثر من الثلث في تركته، ولا يتم تجاوز هذا الثلث إلا بموافقة جميع الورثة، لافتاً إلى أن التشريعات الحديثة اتجهت لهذا النظام وقال: على الرغم من أن كتابة الوصية يتم التصديق عليها في المحكمة، لكن ما أن يموت الموصي، إلا وتفتح أبواب جهنم، ونبدأ في تلقي الشكاوى وطلبات رفع دعاوى ضد الوصية.

يجب إخضاع الموصي للكشف الطبي

وأرجع خمدن أسباب مشاكل ما بعد الوصية إلى عدم إخضاع الوصية للتدقيق الشرعي قبل اعتمادها من قبل المحكمة، وإخضاع الموصي للكشف عن حالته الصحية والعقلية، كما أشار إلى أن بعض الموصين يتعمد إخفاء معلومات عن القاضي، وقال: ادعى أحد الموصين بأنه ليس له أبناء وقام بكتابة وصية بميراثه لأبناء أخيه، وعندما توفي تبين أنه له 8 أولاد وبنات لم يكن يرغب في أن يرثوه بسبب خلافات معهم، واستمرت النزاعات والقضايا بين الأطراف لفترة طويلة.

وذكر المحامي خمدن إحدى السيدات التي أرادت أن توصي ببيتها ليكون مركزاً لتحفيظ القرآن، فنصحها بأن تتركه لفقراء أهلها، لكنها أصرت على رأيها، وقصة لرجل أوصى ببيته للأوقاف، ومات، ثم جاء ابن أخيه ليستأجر البيت من الأوقاف ليسكن فيه، وقال: كان الأفضل له أن يتركه لابن أخيه، وكثير من الناس يوصون لأبناء دون أبناء وهو ما يسمى "جنفاً" بنص الآية الكريمة "فمن خاف من موصٍ جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم".

"كورونا" تستدعي التعجيل بكتابة الوصية

من جهة أخرى لفت المحامي باسم الصفاف إلى أهمية كتابة الوصية من وقت مبكر، خاصة في أيام كورونا التي تحصد الأرواح فجأة ولا تترك للإنسان فرصة للتفكير فيمن سيرثه وما يمكن أن يضيع على هؤلاء الورثة من حقوق، وقال إن بعض المواطنين يكون له استثمارات في الخارج ولا يعلم ورثته تفاصيلها ولا مكانها، كما أن آخرين لديهم حسابات بنكية في دول أخرى، يجب أن توثق ضمن وصية.

وأكد الصفاف أن كثيراً من المواطنين يأتون لمكتبه ويطلبون البحث عن أية أملاك أو حسابات أو استثمارات لمورثهم الذي توفي فجأة ولا يعلمون عن تركته شيئاً، ودعا لكتابة وصية تتضمن أرقام الحسابات البنكية وتفاصيل العقارات الموجودة خارج البحرين وإذا كانت هناك سندات أو أسهم في شركات، وذلك للحفاظ على تلك الحقوق من الضياع التام.