قالت لي: ألا يحق لي كحرية شخصية أن أختار شريك حياتي؟؟

هكذا بدأت بطرح مشكلتها علي، الفتاة التي تبلغ من العمر 19 ربيعاً، حُرت كيف لي أن أٌجيبها، ففي النهاية أنا أم كذلك، نعيش في مجتمع قبل أن تحكمه العادات والتقاليد والأعراف يحكمه الدين الإسلامي، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة وفساد عريض» ومن خلال بحثي الشخصي عن مدى صحة هذا الحديث تبين أنه حديث ضعيف، إلا إننا قد نمارس ساديتنا أحياناً في اختيارات أبنائنا مستعملين صلاحياتنا كأباء في فرض ما نريده عليهم، ومجتمعنا يتبنى مفهوم طاعة الأبناء للآباء كنمط سلوكي مقبول في المتوارثات والتقاليد، وهذا هو في الأساس ما أوصى به الله سبحانه وتعالى، ولكن هل يحق لنا فرض نوعية التعليم، واختيار الشريك بحكم أن هذه الأمور خاصة بمستقبلهم هم فقط، المستقبل الذي قد لا نكون مشاركين فيه؟



فلم أجيب على سؤالها وطرحت عليها سؤالي: ما هي مواصفات شريك حياتكِ، من هو الأب الذي تتمنينه أن يكون لأبنائكِ؟

فكانت كل إجاباتها تتمحور في صفات شخص واحد فقط، وهو أساس القضية المطروحة أمامي، حيث إن هذا الشاب أُدين بمواقعتها برضاها وهي قاصر أتمت السادسة عشر من عمرها ولم تتم الحادية والعشرين، قالت إنها تحبه وهو من تتمناه شريكاً لحياتها ولا تستطيع العيش من دونه، ولكن والدها رفض هذا الزواج معللا أن الشاب لا يصلح أن يكون لها زوجاً لعدة أمور، والأحرى لها أن تتزوج من ابن عمها، ولكنها صممت فحصل ما حصل بينهم، وحدث الصراع بين العائلتين بعد اكتشافهم للأمر، وبما أن القضية حساسة جداً خفت وترددت في البداية من أن أدخل في خضمها كوسيط ومصلح، كيف لي أن أٌقنع أهل الفتاة بالتنازل حتى لا يٌحاكم الشاب؟؟ وكيف لي أن أمتص الحنق والغضب من العائلة؟ بالنسبة لي لن يكون الأب مشكلة معقدة كمشكلة إخوان الفتاة، ففي مجتمعنا يُمارس بعض الأخوة السلطة الخالصة والمطلقة في فرض القيود على الأخت، وعنفوان الشباب سيدفعهم لممارسة جميع أنواع التهديدات، كيف لي أن أجمع بين العائلتين في جلسات تقريب النظر، كيف لي أن أُوفق بين جيل مندفع منفتح ينادي بفرديته وحريته الشخصية، وجيل يطمح لطاعة الأبناء له وانضباطهم الأسري والديني والأخلاقي، كيف لي أن أٌعبر عن رأيي الشخصي في الموضوع؟؟ قد أٌتهم بالرجعة والتعنت والاستبداد وقد أٌتهم بالانفلات والانحلال، وبكل تأكيد الأمور التي تُغضب الله عز وجل لا نقاش فيها، وفي النهاية قبلت وعشت القصة معهم. وللحديث بقية.

شيخة الرويعي "وسيط قانوني"