يمثل اختراع كلية صناعية قابلة للزرع تقدماً في مجال الطب، ويوفر حلاً ناجحاً لمشكلة النقص المزمن في التبرع بالكلى اللازمة لعملية الزرع. وواصل الباحثون التعاطي مع هذه المشكلة عبر عشرات السنين الماضية، وكانت مشكلتهم شديدة التعقيد. وتتمثل بكيفية الحفاظ على تدفق الدم، دون أن يتجلط، خلال مثل تلك الأجهزة الصناعية.

وتستجيب الصفائح الدموية للقوى الميكانيكية بتلك الأجهزة، فيكون لديها ميل طبيعي للتجلط، مما يتسبب في حدوث خلل في الأجهزة، بحسب ما نشره موقع المعهد الوطني للتصوير الطبي الحيوي والهندسة الحيوية، التابع لوزارة الصحة الأمريكية.

وللتغلب على هذه المشكلة، تم الجمع بين الخبرات النادرة في مجال تطوير الكلية الصناعية وأولئك المتخصصين في المحاكاة بالكمبيوتر الكمي لإجراء محاكاة لعملية تدفق الدم.



وتوفر الكلية الصناعية ميزة ترشيح الدم المستمر، وهذا من شأنه أن يقلل من الآثار المترتبة على مرض الكلى، ويخفف على المرضى.

وقد فاز علماء في الولايات المتحدة بجائزة وقدرها 650 ألف دولار، على تطويرهم نموذجاً أولياً ناجحاً لعضو اصطناعي إحيائي، يمكنه يوماً ما أن ينقد ملايين البشر الذين يخضعون لغسيل الكلى.

ووفقاً لمجلة مؤسسة «سميثسونيان» الأمريكية، تضم الكلية الاصطناعية الإحيائية مرشح دم مكوناً من أغشية سيليكون شبه موصلة تعمل على إزالة فضلات الدم، كما تضم مفاعلاً إحيائياً يحتوي على خلايا الأنابيب الكلوية، التي تنظم حجم الماء وتوازن الإلكتروليت والوظائف الأيضية الأخرى.

ويعتقد العلماء أن جهازهم يقدم أملاً لمرضى الفشل الكلوي، ويأملون أن يحررهم من جهاز غسيل الكلى وحتى عملية زرع الكلى، ذلك أن غسيل الكلي سيف ذو حدين: يقدم وعداً بحياة مديدة، لكنه يشكل إجراء خطيراً، وقد يسبب أحياناً أمراضاً في العظام وارتفاعاً في ضغط الدم وفشل القلب.

وأحرز الباحثون تقدماً في نماذج الأجهزة القابلة للارتداء حول الجسم، إلا أن تحويل الجهاز ليكون قابلاً للزرع بداخل الجسم صادف عراقيل، بسبب مشكلة تدفق الدم في الجسم بسبب تخثر الدم.

والكلى الصناعية القابلة للزرع، عبارة عن جهاز تمت هندسته بيولوجياً، وهي تجمع بين فلتر من السليكون عالي الكفاءة، وهو عبارة عن مفاعل حيوي للكلى، أنبوب صغير من الخلايا، في إطار مشروع طويل الأجل، عكف على تنفيذه أستاذ الهندسة الحيوية والعلوم العلاجية البروفيسور شوفو روي من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، والبروفيسور وليم فيسيل من كلية طب جامعة فاندربيلت.

وتم تصميم الجهاز التجريبي ليستوعب لتراً من الدم في الدقيقة، وترشيحه من خلال مجموعة من الأغشية السليكونية.

ويحتوي السائل المفلتر على السموم والماء والشوارد والسكريات. ثم يخضع السائل لمرحلة ثانية من المعالجة في مفاعل حيوي من الخلايا التي تزرع في المختبر من النوع الذي يبطن عادة أنابيب الكلى.

كما تستعيد هذه الخلايا استيعاب معظم السكريات والأملاح والمياه مرة أخرى إلى مجرى الدم. وأما ما يتبقى فيصبح بولاً موجهاً إلى المثانة ليخرج من الجسم.

وتوجد الكثير من التقنيات لتنفيذ هذه العملية المعقدة، لكن بقيت أمام الباحثين إحدى التحديات، وهى تجميع مختلف الابتكارات في جهاز واحد يقوم بكافة الوظائف وقابل للزرع بجسم الإنسان.