كثيرا ما يسألونني: كيف تعايشت مع التصلب المتعدد MS؟

وتكون إجابتي ببساطة هي، تعايشت مع MS لسنوات مضيئة، غمرتها بالصبر والإيمان، والرضا بقضاء الرحمن وقدره.

كانت البداية حتماً صعبة صادمة، فقد كان الألم النفسي هو الذي يحاصرني بشدة، والإحساس بالانكسار والضعف كان صعباً. أما الألم البدني فمن الممكن أن يزول بدواء من طبيب.



وفي المقابل، أنقذتني القراءة من الخرافات والإشاعات التي تغزو المجتمع ووسائل التواصل الاجتماعي حول أسباب الإصابة بالتصلب المتعدد وعلاجها. فقد بحثت عن المرض من مصادر موثوقة، وتقارير منشورة بمجلات علمية، ونشرات دورية رسمية. فكانت لي خير أنيس في رحلة المرض.

الأمل كان يلوّن أيامي، ويحيطني بسياج آمن، فكلما أحسست بالتعب والإنهاك تذكرت الأمل الذي سيأخذ بيدي بعيداً عن كل ذلك.

كان تدوين الأعراض التي أشعر بها ومراقبة تطورها هو الهدف الذي أسعى إليه لإيجاد سجل شخصي للمرض، يرشدني لتحديد الأعراض وبذلك تمكنت من رسم اتجاهاتي في حياتي اليومية.

كما أن تدوين اليوميات دعمني في شرح الأعراض للطبيب، فكانت خطواتي ثابتة في تحديد الطريق الذي أسير فيه بخبرة وثقة.

الواقعية والتأني، كان لهما نصيب في رحلتي مع MS. فقد تجنبت إنكار الإصابة والتهرب من الواقع، فواجهته بقلب قوي، وانتظرت التشخيص الذي لم يكن سهلاً، لأن الأعراض مختلفة والأضرار أيضاً متنوعة.

كما راقبت نفسي حين أنام وأصحو، حين أغمض عيني وأفتحها، حين أخطو الخطوة الأولى بعد يقظتي من النوم.. تفاءلت واستبشرت خيراً بكل يوم جديد.

امتنعت عن السكر في الطعام والشراب، حين علمت أن السكر ليس حلواً بل هو عدو للأمراض المناعية، ولذلك هنئت بالاستقرار في حالتي الصحية.

ابتعدت عن القلق والغضب والحزن، فهؤلاء الثلاثة ينذرون بتدهور صحتي!

ثم تعلمت التأني في كل شيء، بعد أن واجهت نفسي المتلهفة لسرعة الإنجاز وإتمام العمل بحد الكمال. وصرت أتأنى في خطوات عملي وأعيد التفكير فيها لكي تكون متزنة، وبذلك ابتعدت عن ضغط العمل وقسوته، ودخولي في دوامة التوتر والقلق.

اخترت أن أعيش برفاهية تحقيق الأحلام، وشغلت فكري بما يزيدني بهاء، بدلاً من التفكير في المرض واستشعار أعراضه وتذكره، فكانت سعادتي في كل إنجاز أحققه ولو كان بسيطاً. وهذا الرضا جعلني قنوعة بجدية تامة.

بحثت عن الأحلام والأمنيات التي تأجلت منذ سنين، وسعيت لتحقيق بعضها. واجهت صعوبات ومازلت أحاول التغلب عليها. فرحة التمسك بالحلم أكبر من فرحة انتظار الوصول إليه. ولذلك أنا بخير مادمت أحلم!

وجدت أن الألعاب الذهنية كالكلمات المتقاطعة وإيجاد الفروق السبعة، والسكرابل Scrabble والشطرنج وpuzzle، وسودوكو sudoku وغيرها، كما أضفت حفظ القرآن للقائمة، فوجدت أن لها تأثيراً كبيراً على الذاكرة والتركيز، والمرونة، فهي تزيد من الذكاء وتحافظ على نشاط الدماغ، وتساعد على استعادة المعلومات بسهولة. كل ذلك ساعدني على الحفاظ على ترتيب أفكاري والحفاظ على ذاكرتي من الضياع.

وإن هاجمني MS بانتكاسة قاسية، حاربته بزيارة خاطفة للطبيب لتشخيص الهجمة وعلاجها وتجنبت تطورها. وإن اضطررت لانتظار زوال آثارها لأيام طوال.

تجنبت الحرارة الشديدة والبرودة العنيفة، بين صيف حارق وشتاء قارس. وتنوعت ملابسي بين صيفية قطنية، وحريرية صوفية لكي أتنعم بكل الفصول وبأناقة لافتة.

مارست التمارين الرياضية التي تقوي العضلات وامتنعت عن التمارين القاسية التي تنهكني وترفع من حرارة جسدي فأتصبب عرقاً.

استمتعت ومازلت أستمتع بكل لحظة أعيشها، فوجودي في الحياة هو أكبر نعمة. السر في الالتزام والتمسك بالقيم الصحية واتباع نمط حياة ممتع.

أتممت عشر سنين مضيئة وأتطلع لمثلها، فتمنوا الخير لي كما أتمناه لكم.

نهلة أبوالفتح