هدى عبدالحميد


عشق البشر للبحر والعيش على سواحله تطور عبر التاريخ، وحلم المدن العائمة الذي راود البشرية منذ منتصف القرن الماضي أصبح قريباً من التحقق بإنشاء أول مدينة عائمة على سواحل مدينة بوسان باتفاقية تكلفتها 200 مليون دولار بين كوريا الجنوبية والأمم المتحدة.

وتعتبر جزيرة مينيرفا التي أسسها المليونير الأمريكي مايكل أوليفر أول جزيرة صناعية تم إنشاؤها بداية السبعينيات حيث كان يأمل إنشاء جمهورية وبالفعل قام بسك عملتها ولكن البحر لم يمهله كثيراً بعد أن بدد حلم جزيرته وسط الظروف الطبيعية القاسية، ولم يكن أوليفر الأمريكي الوحيد فكان هناك مشروع سيستيد بالقرب من سان فرانسيسكو ولكن تيارات المحيط قضت على الحلم سريعاً.

إن العالم يلجأ لهذه المدن بعد تطور التكنولوجيا الذكية ومهارات الهندسة والذكاء الصناعيين فأصبحت المدن العائمة هي أمل البشرية في مواجهة الكوارث الطبيعية المنتظرة نتاج زيادة درجة حرارة الأرض، فالمدينة المزمع إنشاؤها في بوسان تستطيع مواجهة الفيضانات وموجات تسونامي والأعاصير، حيث يتم تثبيتها بمنصات عائمة في قاع البحر.


وكان للتطور الهائل للتكنولوجيا والاعتماد على الذكاء الصناعي ونجاح تجارب استغلال الأعشاب البحرية، التي أظهرت الدراسات الحديثة غناءها بالمواد الغذائية، حيث اكتشفوا كميات هائلة من السكر في أليافها، جعل العلماء يركزون جهودهم على استغلال الحياة البحرية في تنمية المجتمعات العمرانية البشرية لمواجهة ما هو قادم، ونجاح الهندسة الوراثية في تحسين سلالات النباتات وقدرة العالم على زراعة القمح والأرز باستخدام مياه البحر فتح آفاقاً جديدة للعالم.

ومما عزز فكرة الاعتماد على المدن العائمة هو توقع اختفاء 14 مدينة من أصل 17 مدينة ساحلية كبرى حول العالم بحلول عام 2050، وأيضاً فشل مشروع الجيش الأمريكي في توفير الحماية الكافية لنيو أورليانز بعد أن كلف المشروع الخزانة الأمريكية 14 مليار دولار ويتوقع أن يتوقف النظام بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.

وبعد أن عانى العالم وأصبح يتملكه الشك في قدرته على خفض درجة حرارة الأرض، وأصبحت البشرية مهددة بكوارث نتيجة ارتفاع منسوب مياه بالبحر، بالإضافة إلى الحرائق التي أصبحت في تزايد وتقلصت مساحة الغابات جعل العلماء يستثمرون ما توصلوا إليه من علم في محاولة لإيجاد ملاذ آمن في البحر، فهل ستتحقق نبوءة أفلام الخيال العلمي وتغرق الأرض؟!

كلها محاولات لمواجهة الكوارث القادمة، فهل نستطيع نحن أن نستثمر التجربة الكورية في مياهنا واستغلال التجارب العلمية الحديثة في الاعتماد على الموارد البحرية فلماذا لا يتخلل جسر الملك حمد المزمع إنشاؤه بين البحرين والسعودية مدينة عائمة.