رئيفة عبدالعزيز

تكلمت في الجزء الأول عن مدى أهمية الحفاظ على أجسادنا وصحّتها باعتبار أنّها أمانة سخّرها الله لنا لنؤدي عن طريقها رسالتنا في الحياة، وأننا لسنا أحراراً في استهلاك الجسد بما يفوق تحمّله ونظام تكوينه، وبيّنتُ أيضاً الجوانب الرئيسة الثلاثة المرتبطة بصحة الإنسان؛ الفكري والنفسي والجسدي. ومن أعراض الخلل بالجانب الفكري وهو الأهم.. عندما يكون الإنسان غير مُدرك لمسؤوليته تجاه صحته الجسدية مما يقوده للإسراف في كمية الطعام، وظلمه لنفسه وبالتالي حلول غضب الله عليه، بدليل الآية (81) من سورة طه.

يعتقد أغلب الناس؛ أنّ إصابة الإنسان بالأمراض المزمنة عندما يتقدّم في العُمر هو أمر طبيعي ناتج عن نظام التكوين البشريّ الفطري!! كمرض السّكر وارتفاع ضغط الدّم ونسبة الدّهون في الجسم وإلخ.. من الأمراض التي تؤثر سلباً على الأعضاء الداخلية وأهمّها القلب.



بينما الحقيقة هي: أنّ كُل ما سبق ذكرهُ من الأمراض ما هو إلّا نتيجةً لطغيان الإنسان في ظلمه لنفسه وإسرافه في كمية الطّعام اللامحدودة، وتلك الأمراض هي رسالة تنذيريّة للإنسان تخبرهُ أنّه قد حان الوقت لأن توقف وتُنهي استهتارك بصحتك، وهي ما يدلّ أيضاً على حلول غضب الله على الإنسان وقضاء مرحلة طويلة ما بين معاناته وصراعه مع الأمراض في سبيل البقاء.

وفي تكملة الآية نفسها يقول الحقُّ سبحانه "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ". وبما أن هناك تصريحاً من الله على الغفران لمن تاب وعمل صالحاً لنفسه، فهذا يدل على أن الطّغي في الطعام هو معصية لله.

وما نراهُ في واقعنا نوعان من النّاس، منهم الذي يتوب ويتحمل مسؤولية نفسه، ويتحكّم بشهوته للطعام ويحاول علاج ما فسد إن أمكن، وهذا النوع الذي ذكره الله "ثمّ اهتدى"، والنوع الآخر الذي يستمر في استهتاره وتدمير المزيد من أعضائه وكأنهُ يقول "أنا لا أستحق جسداً معافى ولا حياة بلا عذاب" وذلك لأنه قد أحدث الخلل في كل الجوانب الصحية مما جعل منهُ إنساناً محبطاً ويائساً.

وأخيراً، أذكّر نفسي وإيّاكم أنّ أجسادنا ليست مُلكاً لنا، وجميعنا مُؤمّنون عليها، والعقل السّليم في الجسم السّليم.