أكدت التربوية والمهتمة بشؤون التربية والطفل بسمة عبدالله محمد أن كثيراً من الآباء والأمهات يشتكون من عدم وجود الألفة بين أبنائهم وكثرة الصراخ والشجار بينهم لأتفه الأسباب، مما يسهم في خلق جو أسري مشحون بالتوتر والقلق والشعور الدائم بين أفراد الأسرة بعدم الراحة النفسية والاطمئنان داخل المنزل.

وحول الأسباب التي تؤدي إلى التباعد والجفاء بين الأبناء في الأسرة الواحدة قالت: "غالباً ما تكون هناك أساليب وسلوكيات خاطئة يرتكبها الآباء تجاه أبنائهم يكون لها مردود ونتائج سلبية تضعف علاقة الحب والوّد بين الأبناء وتُولد الكراهية والحقد بينهم أهمها، التفريق بين الأبناء في التعامل كأن يميل الأب إلى أحد أبنائه يقبله ويحتضنه ويغمره بمشاعر الحب والحنان، أو يقدم له العطايا والهدايا دون أن يفعل ذلك لباقي إخوته مما يؤدي إلى ظهور مشاعر الغيرة والحسد بوقت مبكر بين الإخوان، والتباعد والجفاء بينهم عندما يكبرون.

وبينت أن هناك قضية يجب أن ينتبه لها الآباء وهي عدم العدل بين الأبناء ويؤدي كذلك إلى عقوق الأبناء لآبائهم، فكما يحب الآباء أن يبرهم أبناءهم ويعاملوهم بالحسنى عليهم أن يتعاملوا مع أبنائهم بالعدل والإحسان وعدم الإساءة إليهم. وذكر القرآن الكريم في سورة يوسف عليه السلام كيف أن غيرة إخوة يوسف من حب أبيهم يعقوب عليه السلام لابنه يوسف أوصلتهم إلى أن يسعوا إلى الكيد والقتل "اقتلوا يوسف" حتى يستأثروا بحب أبيهم لهم "إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ". (9) / سورة يوسف



وأضافت: "بالإضافة إلى سلوك الوالدين في التربية بتفضيل أحد الأبناء على إخوته لأنه يفوقهم ويتميز عليهم بأنه أكثر وسامة وجمالاً، أو أكثر منهم ذكاء وتفوقاً في الدراسة، أو تفضيل الذكر على الأنثى، هذا التفضيل يزرع مشاعر الكره والحسد في نفوسهم حتى يكبروا، على الآباء أن يدركوا أن الله سبحانه وتعالى ميّز البعض من خلقه بصفات وخصَّهم بخصائص دون غيرهم وهذا من نعم الله عليهم يهبها من يشاء ولا ذنب للآخرين فيها لأنها ليست بأيديهم وإنما بيد الخالق عزّ وجل".

وتابعت: "الأبناء مثل الإسفنجة، يشاهدون بدقة آباءهم كيف يتعاملون مع إخوانهم وأخواتهم "العم، والخال، والعمة.." سواء بالحب والاحترام، أم بالإساءة إليهم وعدم احترامهم وتقديرهم ومن ثم يقلدون كل ذلك بين بعضهم بعضاً. لذلك على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، وجهل الآباء وقلة وعيهم في اتباع الأساليب التربوية الصحيحة عند تطبيقهم للعقاب بشكل خاطئ وبدون قصد منهم، مثال على ذلك إذا ضرب أحد الأبناء أخيه واشتكى الأخير عند والده يأمره الأب أن يضرب أخاه كما ضربه ويقتص لنفسه كأنواع من العقاب والتأديب بدلاً من حل الإشكال ومعالجته بشكل يقلل من الشحناء والشجار بينهم. أبناؤنا أمانة في أعناقنا وهم نعمة من نعم الله علينا وواجبنا كآباء أن نحسن تربيتهم باتباع الأساليب والسلوكيات التربوية الصحيحة من أجل بث روح الألفة والمحبة في قلوبهم، وبذلك نخلق أجيالاً أصحاء نفسياً، أقوياء جسدياً، قادرين على تطوير مجتمعاتهم وبناء أوطانهم".