رائد البصري




في زيارتي إلى بيت خالتي قد حل وقت الغداء فأصرت على أن تستضيفني في منزلها فأعجبتني طبخة الغداء وامتدحت المذاق والنكهة الجميلة التي تذكرني برائحة طباخ أمي الطيب رحمها الله فارتسمت الابتسامة عليها وبدأ السرور يتشكل ويضيء كالنور في وجهها وقالت لي كل مرة عرج علينا وستجد ما لذ وطاب.

ما الذي قد تفعله الكلمة الجميلة في نفوس البشر؟


- أذكر مرة ذهبت لإنجاز معاملة وكان الموظف كئيباً وكأن جميع هموم الدنيا يحملها فوق رأسه جلست أمامه وهو يتعامل مع الأوراق بجفاء شديد لأن أحدهم سلب الابتسامة منة قلت له قميصك جميل ابتسم تلقائياً وقال والله فقلت له جاكيتك أجمل تهلل وجهه ضاحكاً مستبشراً وقال من ذوقك، ثم بدأ الحديث معي والأخذ والرد وكان ذلك الشخص العابس قد رحل وجاء غيره إلى مكانه.

- دخل رجل يقدم العزاء بفاتحة أحد أقربائنا ومن ثم توجه إلى منصة القراء بمجلس الحسينية وبعد الانتهاء من تلاوة الذكر الحكيم مر من جديد يخلف علينا شدني صوته الجميل فقلت له طيب الله أنفاسك وهذا أجمل ما سمعت وتلاوتك رائعة لا يشبع منها المنصت فرد وهو مبتسم ومعنوياته في أقصى درجاتها قال لي طابت أسماعك أستاذي فواصل على حضور مجلس الفاتحة كل يوم لتلاوة ما تيسر من كتاب الله.

- كثير منا يملك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وكثير منا يحرص على زيادة التفاعل من المتابعين معه أو مع ما ينشر في تلك المنصات وعندما تجد غياب متابعينا الدائمين لفترات تبعث لهم الرسائل تعبيراً عن فجوة غيابهم والحيز الذي تركوه وسؤال عن أحوالهم عبر حساباتهم التي خيم عليها السكون وهنا تبادر بسؤال عنهم، عسى المانع خير أو افتقدنا لطلتكم البهية، ثم يأتي الرد منهم شكراً على السؤال والآخر انشغلنا ولكن راجعين نعم الاهتمام والكلمة الطيبة. الأثر في عمليات التواصل حتى لو كانت عبر قنوات التواصل الاجتماعي الافتراضية.

السؤال المهم ما الذي يمنعك أن تفعل ذلك مع الناس؟ لماذا الغالبية تكون شحيحة كل الشح بالكلمة الحسنة لكنهم في المقابل سريعو الهجوم إذا ما وجدوا فرصة سانحة للانقضاض والنقد والتجريح “ألم ترَ كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”؟

فلا تحبس الكلام الطيب في قلبك أبداً امدح واشكر وادع الله لمن تحب وقل خيراً للجميع فالكلمة الطيبة عبادة وهدية ومفتاح للقلوب وهدوا إلى الطيب من القول.