نحن نعيش في عالم السرعة والجميع يرغب في الحصول على مكافأة سريعة، لا أحد يرغب في انتظار المكافأة التي ستأتي له لاحقاً على المدى الطويل، هذا نمط أو نوع من الإشباع الفوري في عالم الاقتصاد أو السياسة سيفسد أهم مؤسساته الاجتماعية والتي تتمثل بالدرجة الأولى في الأسرة، والنتيجة ستكون مجتمعاً مفككاً مهمشاً، فالمدراء في الشركات ينظرون إلى الأرباح في شركاتهم دون الالتفات إلى العواقب الاجتماعية، والسوق الاقتصادي يقوم بتغطية طلبات دون النظر إلى انعدام الأمن الاقتصادي، كل هذه الأمور لها عواقب وخيمة على المجتمعات من تقلبات مالية وبيئة وصحية وتدهور بيني وشلل فكري.

ما هي نماذج الاندفاع؟

نموذج الاندفاع الأول، تأثير بطاقات الائتمان على السلوك البشري. حيث يشير الباحثون في هذا السياق إلى أن الأعداد المتزايدة من المستخدمين لهذا نوع من البطاقات أنتجت زيادة في معدلات الإفلاس الشخصي، حيث تضاعفت ثلاثة أضعاف، وكانت عملية الشراء لا يتم تسجيلها في الذاكرة البشرية بحيث تبث شعوراً بالألم. فعند الخصم ببطاقات الائتمان يكون مؤجلاً بينما الدفع النقدي يكون في لحظتها إدراكياً.



نموذج الاندفاع الثاني، تأثير التكنولوجيا على الاقتصاد. تمثلت التحديات التي واجهتها كثير من الشركات الجشعة في المنافسة الأجنبية والتعامل مع رضاء الزبائن وانتشار الفساد ومطالبات العمال برفع أجورهم بشكل دوري حتى انخفض إنتاجهم، وهذا ما جعل الشركات تسرح كثيراً من العمال من أجل تقليل المصاريف وزيادة اعتمادهم على التشغيل الآلي، مما ساهم في قلة الجودة في السلعة التي تصل إلى المستهلك.

نموذج الاندفاع الثالث هو تأثير التسويق الإلكتروني على خطط المرض. في السابق عندما كان الشخص يذهب إلى طبيبه للعلاج من داء معين فإن الطبيب يقوم بشرح خيارات العلاج له مع إعطائه توصياته، أما في وقتنا الحالي أغلب المرضى يستخدمون الإنترنت للبحث عن خيارات العلاج لمرضاهم ثم يطلبون من الطبيب عمل الوصفة التي أعدها الذكاء الاصطناعي حسب ما وصفه أحد كبار الأطباء الأمريكان أنتوني زيتمان.

خلاصة الاندفاع المجتمعي

هل نفكر في نتائج سريعة وقصيرة المدى دون التفكير بالعواقب؟ كلنا شاهدنا كيف سعى أكثر الناس في مجتمعنا في وضع أموالهم وودائعهم من أجل الحصول على أرباح سريعة واستثمارها، إما عن طريق أشخاص أو بنوك خارجية قبل عقد تقريباً من الزمان وكانت النتائج خسارة تلك الأموال، أو هبوط القيمة الحقيقية للودائع في لتلك البنوك بسبب انهيار العملة، في مرحلة من حياتنا لابد لنا أن نقف في وجه المجتمع المندفع فنحن من يقرر التغيير، فالأسرة هي من يقرر الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا والمال من أجل استعادة الألفية بدل جعلها صامتة يتحكم بها المجتمع المندفع.