عادةً ما تتحول أوقات التسوق مع الأطفال إلى كابوس مزعج خصوصاً إذا كانت في السوبرماركت أو متاجر البقالة، فتجد بعض الأطفال شديدي الملل ولا يرغبون في التحرك ويقفون أماكنهم، في حين أن البعض الآخر ينتقل سريعاً للغاية في كل مكان ويشير إلى كل شيء في المتجر لمجرد أن ألوانه جذابة حتى إذا لم يكن سيأكله أو سيستخدمه هو شخصياً! حينها لابد من معرفة كيف تهذب سلوك الطفل خلال التسوق.

وعادةً ما يكون رد فعل الآباء في هذه الحالة هي الغضب الشديد وربما الامتناع التامّ عن اصطحاب الأبناء في أوقات التسوق، ومن ثم المزيد من الانغلاق للطفل وعدم اعتياده على التصرف الاجتماعي الصحيح فلا تكتمل شخصيته، فضلاً عن أن البعض لا توجد لديهم في الأساس رفاهية التسوق دون الأطفال لعدم وجود من يعتني بهم في المنزل خلال أوقات الغياب.



ويبرر الكثير من العلماء السلوك السيئ للطفل بتراجع قيمة التعاطف ونظام التهدئة لدى الأبوين وسيطرة نظام التهديد، وقبل أن تتعجل الأمور وتقول إنها نظرية أخرى من تلك التي تلقي باللوم كله دائماً على الآباء وأن الأطفال دائماً ضحايا، فهذا ليس الحال هنا بأي شكل من الأشكال.

ففي حين يتبع كل أب وأم طريقة مختلفة في التربية عن الآخرين لظنهم أنها الوسيلة المثلى لتنشئة طفل سوي، فإنه في الواقع لكل طريقة مميزاتها وعيوبها، فسواء كنت تفرط في حماية الطفل أو تترك له الحرية الشديدة أو ترفع من طموحاته بشدة أو غيرها من طرق توجيه فإن لا أحد قاداًر على اتباع النظام المثالي طوال الوقت وهذا نتيجة تحكم واحد من أنظمة ثلاثة في الإنسان عموماً.

والمشكلة التي يؤكد عليها الكثير من الخبراء هي سيطرة نظام التهديد على عقلية الكثير من الآباء والأمهات، سواء نتيجة الضغوط المستمرة في العمل أو الاهتمام بنظرة الآخرين، في حين أن نظام القيادة والتهدئة وتقبل الأخطاء هو الحل الأساسي للكثير من مشكلاتهم مع الأطفال سواء في الاستذكار أو التسوق أو عند الرغبة في غرس أي عادة جديدة.

طرق بسيطة تساعدك على تهذيب سلوك طفلك عند التسوق. ويمكن أن تفيدك هذه الخطوات في منع السلوك غير المهذب للطفل خلال التسوق:

وضع القواعد الواضحة والبسيطة: قبل الذهاب إلى التسوق سواء في محلات البقالة أو الملابس وغيرها، عليك أن تضع مجموعة من القواعد الواضحة والبسيطة للطفل، فاذكر له بجلاء أنه من الممنوع الركض في المكان، فإذا كان يلعب بحريّة في الحديقة أو الملعب فإنه يجب عليه أن يعلم أن هذا السلوك مرفوض في المتاجر. كما يجب التنبيه عليه بعدم لمس أي شيء في الأرفف دون إذن، وأنه سيختار شيئاً واحداً فقط أو شيئين على الأكثر، مع توضيح المكافأة التي سينالها إذا التزم بالقواعد.

منع مسببات السلوك السيئ قدر الإمكان: لا تذهب إلى المتجر والطفل جائع فينجذب إلى كل ما في المكان، مع تجنب الذهاب وهو مرهق أيضاً، مع محاولة منح الطفل ما يشغله خلال التسوق سواء لعبة يحبها أو البحث عن منتج معين حتى لو كنت تعلم مكانه، فمنح الطفل مهمة محددة سيزيد من تحمله للمسؤولية ويجعله يشعر بالتقدير ويصرف انتباهه عن المنتجات الأخرى، وسيركز فقط فيما تطلبه منه طالما استعرضت الأمر بهدوء.

المكافأة قبل العقاب: الكثير من الآباء يركزون على العقاب عند ارتكاب الطفل للسلوك السيئ، ولكن يتجاهلون المكافأة، وهي هنا لا تتوقف فقط على مكافأة مادية مثل لعبة أو قطعة حلوى، ولكن المكافأة بالثناء والشكر له على سلوكه الجيد أيضاً، واحتضانه وتقبيله وتلبية أحد طلباته سيكون له فعل السحر أفضل بكثير من العقاب.

عدم تجاهل العقاب المناسب أيضاً: لا يعني الاهتمام بالتشجيع أنه لن يكون هناك عقاب بالطبع، ولكن العقاب يجب أن يتلاءم مع السلوك السيئ، فسواء كان العقاب بالتجاهل، أو بحرمانه من قطعة حلوى اشتراها من قبل بالفعل أو غيرها مع تجنب الصراخ والغضب قدر الإمكان وعدم الاهتمام بنظرة الآخرين، فمن الضغوط التي تجعل الآباء يبالغون في رد الفعل هو خوفهم من انتقاد الآخرين لطريقة تربيتهم للطفل.

وفي النهاية فلا تبالغ أبداً في توقع النتيجة الجيدة من الطفل، بل الأمر سيتطلب الكثير من التدريب والتركيز على طريقة تعاملك معه عموماً، وهل تمنحه الحب الذي يستحقه سواء بالكلمات أو تخصيص الوقت الكافي معه أو اللعب وغيرها من أنشطة، أم أنك تكتفي بتوجيهات وأوامر ونواهي فقط تجعل الطفل يُطوِّر نظام التهديد لديه ويكون هو المسيطر الدائم على شخصيته.