سماهر سيف اليزل


تفعيل العقوبات بشكل كاف للحدّ من الظاهرة..

الرهاب الاجتماعي والاكتئاب والفصام الوجداني أمراض يسببها التنمر


تصعيد التنمر من مرتبة السلوك إلى الجريمة الشديدة المستنكرة

نعت الأبناء بصفات سلبية يعتبر تنمراً أُسرياً


أكدت أستاذ مساعد علم النفس والمعالج النفسي الدكتورة جيهان رشاد، أن الأثر السلبي للتنمر يمتد من الطفولة إلى الشيخوخة، حيث يسبب تشويهاً لصورة الذات الاجتماعية لدى الفرد، كما أنه يكون بمثابة جرح نفسي داخلي لا يتعافى منه الفرد بل يتعلق في الذاكرة، ويظل الألم الناتج عنها مستمراً مع الفرد ونرى ذلك واضحاً في جلسات العلاج الفردي والجماعي.

وبينت أن التنمر لا يقتصر على التنمر المنتشر في المدارس الذي يعتبر تنمر «العلاقاتي» بمعنى الاستبعاد الاجتماعي من حيث جعل الآخر الضحية خارج الأنشطة أو التفاعلات ومنع الصداقة معه ونشر الشائعات حوله، بل إن نعت الآباء للأبناء بصفات سلبية يمثل تنمراً أسرياً، يهدم الذات المدركة والذات الاجتماعية، ويؤدي إلى حبس الفرد في هذا النعت طوال حياته، فمريض الاكتئاب يتذكر لفظ «يا فاشل» الذي قيل له في صغره، ومريض الرهاب الاجتماعي لا ينسى تنمر المدرس والطلاب عليه.

وأوضحت، أن أغلب الحالات التي ترتاد العيادة للأطفال والمراهقين في المدارس لا تأتي مباشراً بسبب التنمر للعيادة لكن تأتي بمرض نفسي على سبيل المثال الاكتئاب واضطرابات النوم والمخاوف الاجتماعية أو ما يسمى الرهاب أو حالات التلعثم والفشل الدراسي، ولا تقتصر الحالات على الأطفال والمراهقين بل هناك حالات لمن هم فوق سن الـ20، حيث إن هناك حالة لشاب 28 عاماً، وموظفاً يعاني من حالة اكتئاب راجع عنده للتنمر في المدرسة والبيت، وحالة أخرى لشاب في كلية الطب متفوق جداً يعاني الفصام بسبب التنمر عليه في المدرسة، وكذلك طالبة ثانوي متفوقة علمياً جداً ومحط إعجاب المدرسين لكن تم تشخيصها بحالة فصام وجداني وكانت من أسباب المرض تنمر طالبات الفصل.

وعزت الأسباب إلى غياب الوعي في المدارس، والتحرر الأخلاقي وانهيار منظومة القيم المجتمعية والدينية وضعف اهتمام مؤسسات التربية والتنشئة في البيت والمدرسة والمسجد وغيرها بالتفكير الأخلاقي لدى الناشئة، بالإضافة إلى انتشار معايير خاطئة عن مقاييس الكفاءة الذاتية فبدل العلم ساد المال وبدل الأخلاق سادت القوة وبدل التواضع سادت المظهرية، مع غياب القدوة الحسنة والتخفيف من هول سلوك السخرية بأنه مزاح وضحك ودعابة، وهنا يتضح تأثير الأخلاقيات الجماعية على الأخلاقيات الفردية، حيث إن الإدراك الاجتماعي للسلوك الخاطئ مختل ومشوه وللأسف انتشار الأمراض النفسية الاجتماعية ساهم في الانتشار للتنمر.

وبينت، أن العقوبات ليست مفعّلة بالقدر الذي يحدّ من الظاهرة، وأن هناك حاجة لدورات تدريب مستمرة للمدرسين والطلاب والعاملين في القطاع التعليمي، بالإضافة إلى دورات تدريب للأطفال والمراهقين للتوعية بالظاهرة وآثارها السلبي الشديد على النفس البشرية والتوعية بأسلوب التعامل مع حالات التنمر.

ونوهت بأن الرفض المجتمعي الشديد لذلك المتنمر، يمكن أن يردع القائم بهذا الفعل، فعندما يصعد المجتمع الجريمة من مرتبة سلوك إلى مرتبة عدوان يصل لدرجة الجريمة الشديدة المستنكرة سيساهم ذلك في الحد من السلوك.